للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتصدّق السلطان بمال عظيم فى الحرم الشريف على الفقراء والمجاورين، وفرق كساوى على أهل الحرم، وأعطى خواصه جملة من المال ليفرقوها سرّا، وصار كواحد من الناس لا يحجبه أحد، ولا يحرسه إلا الله، وهو منفرد يصلى ويطوف ويسعى، وغسل الكعبة الشريفة، وسار فى وسط الخلائق، وكل من رمى إليه إحرامه غسله وناوله إيّاه، وجلس على باب البيت، وأخذ بأيدى الناس ليطلعهم إلى البيت، فتعلق بعض العامة بإحرامه ليطلع فقطعه، وكاد يرمى السلطان إلى الأرض، وهو مستبشر بجميع ذلك. وعلّق كسوة الكعبة بيده وخواصه، وتردد إلى من بالحرمين من الصالحين، وسبّل الكعبة الشريفة فى كل سنة، وأحسن كثيرا إلى أمراء الحجاز إلا صاحب المدينة جماز بن شيحة وابن أخيه مالك بن صيف؛ لفرارهما منه. وزاد أميرى مكة مالا وغلالا فى كل سنة بسبب تسبيل الكعبة الشريفة للناس.

ولم يغفل - مع ذلك - عن تدبير الممالك، وكتّاب الإنشاء تكتب عنه فى المهمات. وكتب كتابا إلى صاحب اليمن ينكر عليه أمورا، ويقول فيه: سطرته (١) من مكة المشرفة وقد أخذت طريقها فى سبع عشرة خطوة - يعنى بالخطوة المنزلة - ويقول: الملك هو الذى يجاهد فى الله حق جهاده، ويبذل نفسه فى الذّبّ عن حوزة الدين؛ فإن كنت ملكا فاخرج والتق التتار. وأحسن إلى أميرى مكة وإلى أمير ينبع وأمير خليص؛ وأكابر الحجاز، وكتب منشورين لأميرى


(١) فى الأصول «سطرتها».