فلما كان يوم التروية وهو يوم الثلاثاء ثامن الشهر ركب السلطان فى عساكره إلى منى، وأمسى بها ليلة الأربعاء تاسع الحجة، فلما أصبح سار إلى الموقف فى تواضع وخشوع وتأدب وخضوع، فلما أذّن الظهر صلى بصلاة الإمام، وركب والأشراف والقواد فى خدمته وغيرهم من المصريين، ووقف عند الصخرات بنواحى موقف النبى ﷺ، فلم يزل واقفا بين يدى الله تعالى فى تسبيح وتهليل وتقديس وتبجيل إلى آخر النهار. وفى آخر النهار وصل إليه أمير الركب المصرى وأمير الركب الشامى وسألاه المثول بين يديه لتقبيل ١٦٥ كفه/، فأذن لهما، فوصلا وقبّلا كفّه مرارا، وأكثرا من الدعاء له.
فلما غربت الشمس سألاه أن يأذن لهما فى المسير فى خدمته، فأمرهما أن يسيرا فى عساكرهما ومحاملهما. فقبلا يده وانصرفا. وتوقف هو ومن معه من عسكره وخواصه؛ فلم يزل فى بكاء وخشوع ودعاء وخضوع والحاضرون يبكون لبكائه ويؤمنون على دعائه، فلما غشيه الليل سار فى عساكره إلى الموقف بمزدلفة ولم يزل بها إلى أن صلى الصبح وأخذ الحصى لرمى الجمار، ثم سار إلى منى وقد حفّت به العساكر وأحاطت به الفرسان، ولم يزل سائرا إلى الجمرة الكبرى فرماها هنالك، وسار إلى الخيمة، وسارت عساكر الشام ومصر بين يديه، فأقام يومه ذلك وهو يوم الخميس العاشر، فلما كان صبح يوم الجمعة سار إلى مكة، فطاف بها طواف الزيارة، ثم رجع إلى منى فرمى الجمار الثلاث، وبات ليلة السبت الثانى عشر بمنى، فلما أصبح وزالت الشمس رمى الجمار أيضا، وأقام بمنى إلى صبح يوم