وسبب هذه الفتنة أن أمير الحاج المصرى أدّب بعض غلمان القوّاد ذوى عمر على حمل السلاح بمكة؛ لنهيه عن ذلك، وسجنه، فرغب مواليه فى إطلاقه، وتشفعوا بالسيد حسن، فامتنع الأمير من إطلاقه. فلما صلّوا الجمعة هجم جماعة من القواد المسجد الحرام من باب إبراهيم راكبين خيولهم، وبعضهم لابس لأمة الحرب، وبعضهم عار منها. وانتهوا إلى مقام الحنفية، فلقيهم الترك والحجاج واقتتلوا، فخرج القواد ومن معهم من المسجد، فتبعهم الترك والحجاج؛ فقاتلوهم بسوق العلاّفة بأسفل مكة؛ فظهر المصريون على القواد أيضا، وحصل فى الفريقين جراحات كثيرة، مات بها غير واحد من الفريقين. وانتهب بعض المصريين سوق العلافة بأسفل مكة، والسوق الذى بالمسعى، وبعض بيوت المكيين. ورام بعض القوّاد ومن انضم إليهم نهب الحجيج الذين بالأبطح وخارج المسجد؛ فأبى السيد حسن، ومنعهم من التعرض للحاج، ولولا ذلك لتم على الحاج بلاء عظيم، فسبحان المسلّم. واجتمع القواد بموضع يقال له الطّنبداوى بأسفل مكة قريبا منها، فلما كان آخر النهار أمر أمير الحاج بتسمير أبواب المسجد إلا باب بنى شيبة، وباب الدريبة، والباب الذى عند المدرسة المجاهدية؛ لأن أمير الركب الأوّل ومن فى خدمته يدخلون منه إلى المسجد، ويخرجون لسكناهم بالمدرسة المجاهدية. وأدخل أمير الحاج خيله المسجد الحرام، وجعلها بالرواق الشرقى قريبا من منزله (١) برباط الشرابى، وهو منزل أمير الحاج
(١) فى الأصول «قريبا منها له» والمثبت عن شفاء الغرام ٢٥٦:٢.