للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذلك بين سقاية العباس وقبة زمزم فإذا الماء فى صحن المسجد يعلوه قليلا قليلا، ولم يتمكن من إيصال الشمع للقبة إلا بعسر، وكان بعض أهل السقاية بها، فدخل عليه الماء من بابها ثم زاد فرقى على دكة ٣٦٤ هناك، ثم زاد فرقى على صندوق وضعه فوق الدكة، فبلغه الماء؛ فخاف وخرج من السقاية فارا إلى صوب الصفا، وما نجا إلا بجهد.

وكان السيل قد دخل المسجد الحرام من الأبواب التى بجهة الصفا، والأبواب التى بالجهة الشرقية، وهى التى فيها باب بنى شيبة، ومنه دخل الماء المسجد الحرام، وقل أن يعهد دخول الماء منه. وصار المسجد الحرام مغمورا بالماء الكثير المرتفع نحو قامة، بحيث قارب عتبة باب الكعبة. وكان بالمسجد خشب كالصندوق الكبير؛ ليس له رأس يستره، كان فوق بعض الأساطين التى أزيلت فى هذه السنة لعمارتها، فأخذه بعض الناس وركب فيه وصار يقذّف فيه حتى أخرج فيه من السيل الحديد الذى عند زمزم، وشخصا كان بالسيل متعلقا ببعض شبابيك السبيل؛ خوفا من الغرق، لما دخل الماء السبيل، ووصلا فيه إلى المحل الذى أرادا، وفعل مثل ذلك بغير واحد، وما خرج السيل من المسجد حتى هدمت عتبة باب إبراهيم لعلوها. وألقى السيل فى المسجد من الوحل والطين والأوساخ ما كثر التعب لتنظيفه ونقله، فصار أكواما كثيرة (١) وعسر قبل ذلك الانتفاع (١) بالمسجد لأجله، وأفسد للناس أشياء كثيرة من التجارة فى الدور التى بمسيل وادى مكة؛ بناحية سوق الليل والصفا والمسفلة،


(١) كذا فى م، وشفاء الغرام ٢٦٩:٢. وفى ت «وقد قل الانتفاع».