كتابك يتضمن طلبك خاتم الأمان ومنديل الرضاء، وقد جهزناهما لك؛ فطب نفسا وقرّ عينا. وسألتنا فى استنابة ابنك الشريف بركات فى إمرة مكة، وما نثق فى ذلك إلا بك، وفى ذلك سبب للشحناء بين الإخوة؛ فإن أردت ذلك فاستنبه، وباشر خدمة المحمل الشريف والأمراء. وفيه سوى ذلك من تعظيمه وتوقيره.
وفيها سأل سيدى الشيخ عمر بن محمد العرابى الشريف حسن ابن عجلان فى شفاعة عنده، فخالفه السيد حسن؛ فتأثر لذلك خاطر الشيخ عمر، وأفهم أنه يتغيّر حال الشريف حسن فى ولايته.
فبلغ ذلك الشريف حسنا فأتاه مستعطفا له، وسائلا له ألا يتغير عليه حاله. فقال له: فات الأمر. فقدّر أن الشريف تخوّف من الأمراء الذين قدموا للحج فى هذه السنة (١)، فبان السيد حسن عن مكة فى أوائل النصف الثانى من القعدة لصوب اليمن بناحية الخريقين، وقدم مكة فى أثناء العشر الأخير من ذى القعدة جماعة من الأمراء
(١) العقد الثمين ٣٦١:٦، وما كان ينبغى للشريف حسن أن يتصور ترتب تغير حاله على تأثر خاطر الشيخ، أو أن الشيخ يقدر على تغيير حاله؛ لأن ما يجرى على الإنسان من خير وشر، إنما هو بقضاء الله تعالى وقدره، وليس برضاء أحد أو غضبه، وقد روى عن رسول الله ﷺ بالسند الصحيح عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله ﷺ يوما فقال يا غلام إنى أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. (سنن الترمذى - الجامع الصحيح ٦٦٧:٤ برقم ٢٥١٦).