للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العشور فقط؛ لأمر السلطان بذلك. ووجد التجار راحة بمكة، بخلاف ما كانوا يجدون بعدن؛ فتركوا بندر عدن واستجدوا بندر جدة عوضه، فاستمر بندر جدة عظيما، وتلاشى أمر عدن من أجل هذا، وضعف حال متملك اليمن. وصار نظر جدة وظيفة سلطانية يخلع على متوليها، ويتوجه [فى] كل سنة إلى مكة فى أوان ورود مراكب الهند إلى جدة، ويأخذ ما على التجار من العشور، ويحضر إلى القاهرة به. وبلغ ما حمل إلى الخزانة من ذلك زيادة على سبعين ألف دينار، سوى ما لم يحمل؛ فجاء للناس ما لا عهد لهم قبله، فإن العادة لم تزل من قديم الدهر فى الجاهلية والإسلام (١) أن الملوك تحمل الأموال الجزيلة إلى مكة لتفرق فى أشرافها (٢) ومجاوريها، فانعكست الحقائق، وصار المال يحمل من مكة ويلزم أشرافها بحمله، ومع ذلك يمنع التجار أن يسيروا فى الأرض يبتغون من فضل الله، وكلفوا أن يأتوا إلى القاهرة حتى تؤخذ منهم المكوس على أموالهم، فإن فى هذه السنة - فى أيام الموسم - منع التجار أن يتوجهوا من مكة إلى بلاد الشام بما ابتاعوه من أصناف تجارات الهند، وألزموا أن يسيروا مع الركب إلى مصر؛ حتى يؤخذ منهم مكوس ما معهم؛ فتوجهوا مع الحاج، فلما نزل الحاج بركة الحاج خارج القاهرة خرج مباشرو الخاص وأعوانهم واستقصوا تفتيش محاير القادمين من


(١) كذا فى م والسلوك للمقريزى ٧٠٨:٤/ ٢. وفى ت «فى جاهلية ولا إسلام».
(٢) كذا فى م، والسلوك للمقريزى ٧٠٨:٤/ ٢. وفى ت «أهلها».