قال: زهير. قال: أبغنا رابعا. فذهب إلى أبى البخترىّ بن هشام فقال له نحوا مما قال للمطّعم بن عدى. قال: فهل من أحد يمضى على هذا؟ قال: نعم. قال: من هو؟ قال: زهير والمطعم وأنا معك. قال: أبغنا خامسا. فذهب إلى زمعة بن الأسود فكلّمه، وذكر له قرابتهم، فقال: وهل على ذلك معين؟ قال: نعم؛ فسمّى له القوم، فاتّعدوا خطم (١) الحجون ليلا بأعلى مكة، واجتمعوا هنالك، فتعاقدوا على القيام فى الصحيفة حتى ينقضوها، فقال زهير: أنا أبدؤكم فى الصحيفة.
فلما أصبحوا غدوا على أنديتهم-وكانت قريش قد جاورت الكعبة، وكان شق الباب لبنى عبد مناف وزهرة، وكان ما بين الركن اليمانى والأسود لبنى مخزوم وتيم وقبائل من قريش ضمّوا إليهم، وكان ظهر الكعبة لبنى جمح وبنى سهم، وكان شقّ الحجر؛ وهو الحطيم لبنى عبد الدار ولبنى أسد بن عبد العزّى وبنى كعب-فغدا زهير فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة، إنّا نأكل الطعام، ونشرب الشراب، ونلبس الثياب؛ وبنو هاشم هلكى لا يباعون ولا يبتاع منهم. والله لا أقعد حتى تشقّ هذه الصحيفة الظالمة. فقال أبو جهل: كذبت والله لا تشقّ. فقال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب؛ ما رضينا كتابتها حين كتبت. فقال أبو البخترىّ: صدق زمعة؛ لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقرّبه، فقال المطعم: صدقتما، وكذب من قال غير ذلك؛ نبرأ إلى الله
(١) فى الأصول «حطيم». والتصويب عن سيرة النبى لابن هشام ١:٢٥٢.