للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ (١) فلما نزلت هذه الآية (٢) صدّق المسلمون ربّهم، وعرفوا أن الروم ستظهر على أهل فارس، فخرج بها أبو بكر الصديق إلى المشركين فقالوا: هذا كلام صاحبك. فقال: الله أنزل هذا. فقالوا لأبى بكر: نراهنك على أن الروم لا تغلب فارس. فقال أبو بكر: البضع ما بين الثلاث إلى السبع. فقالوا: الوسط من ذلك ستّ. فوضعوا الرهان-وكان عشر قلائص إلى عشر قلائص- فرجع أبو بكر إلى أصحابه فأخبرهم، فلاموه وقالوا: هلاّ أقررتها كما أقرّها الله؟ لو شاء أن يقول شيئا لقال. فخرج أبو بكر وقال:

أزيدكم فى الخطر وأمدّكم فى الأجل إلى تسع سنين. فقهرهم أبو بكر وأخذ رهانهم، وظهرت الروم على فارس بعد تسع سنين ووافق التقاؤهم يوم بدر (٣).

وفيها-أو فى التى بعدها-قدم ضماد الأزدى-من أزد شنوءة-مكّة معتمرا. قال ضماد: فجلست مجلسا فيه أبو جهل


(١) سورة الروم الآيات ١:٤.
(٢) كذا فى الأصول. وفى دلائل النبوة ٢:٩٣ «فلما نزلت هؤلاء الآيات». وفى الخصائص الكبرى ١:٣٥٥ «فلما نزلت هاتان الآيتان».
(٣) وفى دلائل النبوة ٢:٩٣،٩٤ «فأظهر الله الروم على فارس عند رأس السبع من قمارهم الأول، فكان ذلك مرجعهم من الحديبية» ونقل عنه السيوطى فى الخصائص الكبرى ١:٣٥٦. وفى السيرة النبوية لابن كثير ٢:٩٢ «وإن غلبة الروم على فارس كان يوم بدر أو كان يوم الحديبية والله أعلم». وانظر فى الاختلاف حول تاريخ التقاء الفرس بالروم وانتصار الروم عليهم تفسير ابن كثير ٦:٣٠٤ - ٣١٢. وانظر القصة بأطول مما هنا فى سبل الهدى والرشاد ٢:٥٦٠ - ٥٦٢.