وعتبة بن ربيعة وأميّة بن خلف، فقال أبو جهل: هذا الرجل الذى فرّق جماعتنا، وسفّه أحلامنا، وضلّل من مات منا، وعاب آلهتنا.
فقال أميّة: الرجل مجنون غير شك. قال ضماد: فوقعت فى نفسى كلمته وقلت: إنى أعالج من الرّيح. فقمت من ذلك المجلس أطلب رسول الله ﷺ، فلم أصادفه ذلك اليوم، حتى كان الغد فجئته فأجده جالسا خلف المقام يصلى، فجلست حتى فرغ من صلاته، ثم جلست إليه فقلت: يا ابن عبد المطلب. فأقبل علىّ فقال: ما تشاء؟ فقلت: إنى أعالج من الرّيح، فإن أحببت عالجتك ولا يكثرن ما بك؛ فقد عالجت من كان به أشدّ مما بك فبرأ، وسمعت قومك يذكرون فيك خصالا سيّئة؛ من تسفيه أحلامهم، وتفريق جماعتهم، وتضليل من مات منهم، وعيب آلهتهم.
فقلت: ما فعل هذا إلا رجل به جنّة. فقال رسول الله ﷺ:
الحمد لله، أحمده واستعينه، وأومن به وأتوكّل عليه، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد. قال ضماد: فسمعت كلاما لم أسمع كلاما قط أحسن منه، فاستعدته الكلام، فأعاده علىّ ثلاث مرّات، فقلت: إلى ما تدعو؟ قال:
إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له وتخلع الأوثان من رقبتك، وتشهد أنى رسول الله. قال: فماذا لى إن فعلت؟ قال: لك الجنة.
قلت: فإنى أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأخلع الأوثان من رقبتى، وأبرأ منها، وأشهد أنك عبد الله ورسوله. فأقمت مع رسول الله ﷺ حتى علّمت سورا كثيرة من القرآن، ثم رجعت إلى قومى.