ولما ارتحل رسول الله ﷺ عن أم معبد تعرّض له سراقة بن مالك بن جعشم المدلجىّ. وكان لمّا خرج رسول الله ﷺ مهاجرا إلى المدينة جعلت قريش مائة ناقة لمن ردّه عليهم. قال سراقة: فبينما أنا جالس فى نادى قومى أقبل رجل منّا حتى وقف علينا فقال: والله لقد رأيت ركبة ثلاثة مرّوا علىّ آنفا، إنى لأراهم محمدا وأصحابه.
فأومأت إليه. يعنى أن اسكت، ثم قلت: إنما هم بنو فلان يبتغون ضالّة لهم. قال: لعلّه. ثم سكت، فمكثت قليلا ثم قمت فدخلت بيتى، ثم أمرت بفرسى فقيّد لى إلى بطن الوادى، وأمرت بسلاحى من دبر حجرتى، ثم أخذت قداحى التى أستقسم بها، ثم انطلقت فلبست لأمتى، ثم أخرجت قداحى فاستقسمت بها فخرج السّهم الذى أكره؛ «لا يضره (١)». وكنت أرجو أن أردّه على قريش فآخذ المائة الناقة، فركبت على أثره، فبينا فرسى يشتد بى إذ عثر بى فسقطت عنه، قلت: ما هذا؟ ثم أخرجت قداحى فاستقسمت بها، فخرج السهم الذى أكره «لا يضره» فأبيت إلا أن أتبعه فركبت فى أثره، فبينا فرسى يشتد عثر بى فسقطت عنه، فقلت: ما هذا؟ ثم أخرجت قداحى فاستقسمت بها، فخرج السهم الذى أكره «لا يضره» فأبيت إلا أن أتبعه فركبت فى أثره، فلما بدا لى القوم فرأيتهم عثر بى فرسى فذهبت يداه فى الأرض، وسقطت عنه، ثم انتزع يديه من الأرض وتبعهما دخان كالإعصار؛ فعرفت حين رأيت ذلك أنه
(١) كذا فى الأصول. وفى دلائل النبوة ٢:٢١٩ «أأضرهم أو لا أضرهم؟ فخرج الذى أكره؛ لا تضرهم» وفى الوفا بأحوال المصطفى ١:٢٤١ «أضرهم أم لا؟ فخرج الذى أكره».