للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى (١)؛ فإن ابنك لم يتعمد إيثار منكر ولا عملا بفاحشة، ولم يجر فى حكم الله تعالى، ولم يغدر أمانا، ولم يتعمد ظلم مسلم أو معاهد، ولم يبلغنى ظلم عن عمالى فرضيت به بل أنكرته، ولم يكن شئ آثر عندى من رضاء الله ربى، اللهم لا أقول هذا تزكية لنفسى ولكن تعزية لأمى حتى تسلو عنى. فقالت له أمه: إنى لأرجو أن يكون عزائى فيك جميلا؛ إن تقدمتنى احتسبتك، وإن ظفرت سررت بظفرك، اخرج حتى أنظر إلى ما يصير أمرك. فقال جزاك الله خيرا فلا تدعى الدعاء لى. قالت: لا أدعه لك أبدا، فمن قتل على باطل فقد قتلت على حق. ثم قالت: اللهم ارحم طول ذلك القيام بالليل الطويل، وذلك النحيب والظمأ فى هواجر مكة والمدينة، وبرّه بأبيه وبى، اللهم قد سلّمت لأمرك فيه، ورضيت بما قضيت؛ فأثبنى فيه ثواب الشاكرين. فتناول يدها ليقبلها فقالت: هذا وداع فلا تبعد-فقال لها: جئت مودعا لأنى أرى هذا آخر أيامى من الدنيا. قالت: امض على بصيرتك، وادن منى حتى أودعك. فدنا منها فعانقها وقبّلها، فوقعت يدها على الدرع، فقالت: ما هذا صنيع من يريد الموت. فقال: ما لبسته إلا لأشد منك (٢). قالت: فإنه لا يشد منى. فنزعها ثم درج


(١) كذا فى الأصول وتاريخ الطبرى ٧:٢٠٣. وفى الكامل لابن الأثير ٤: ١٤٧ «وسلمى الأمر إلى الله».
(٢) كذا فى الأصول وتاريخ الطبرى ٧:٢٠٣. وفى الكامل لابن الأثير ٤: ١٤٧ «متنك».