للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كميه وشد أسفل قميصه وجبّة خزّ تحت السراويل، وأدخل أسفلها تحت المنطقة وأمه تقول: البس ثيابك مشمرة. فخرج وهو يقول:

إنى إذا أعرف يومى أصبر … وإنما يعرف يوميه الحرّ

إذ بعضهم يعرف ثم ينكر

فسمعته أمه فقالت: تصبر (١) إن شاء الله تعالى، أبواك أبو بكر والزبير، وأمك صفية بنت عبد المطلب.

وصار إلى أن لقى جيوش عبد الملك فى أعلى مكة فحمل عليهم حملة منكرة، فقتل منهم مقتلة، ثم انكشف هو وأصحابه، فقال له أصحابه: لو لحقت بموضع كذا. فقال: بئس الشيخ أنا إذا فى الإسلام لئن أوقعت قوما فقتلوا ثم فررت عن مثل مصارعهم. ودنا أهل الشام حتى امتلأت منهم الأبواب، وكانوا يصيحون به: يا ابن ذات النطاقين. فيقول:-

فتلك شكاة ظاهر عنك عارها (٢)

وجعل أهل الشام على أبواب المسجد على كل باب رجالا من أهل كل بلد، فكان لأهل حمص الباب الذى يواجه باب الكعبة ولأهل دمشق باب بنى شيبة، ولأهل الأردن باب الصفا، ولأهل فلسطين باب بنى جمح، ولأهل قنّسرين باب بنى سهم. وكان


(١) فى الأصول «اصبر» والمثبت عن المرجعين السابقين.
(٢) الشعر لأبى ذؤيب الهذلى، وصدر البيت: وغيرها الواشون أنى أحبها. ديوان الهذليين ١:٢١، ومروج الذهب ٣:١٢١.