للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَعَ رِضَاهُنَّ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْخِطَابَ فِي ذَلِكَ لِلْأَزْوَاجِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الِارْتِجَاعُ مُضَارَّةً عَضْلًا عَنْ نِكَاحِ الْغَيْرِ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا. وَاحْتَجَّ بِهَا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا قَالُوا: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ ذَلِكَ إِلَيْهَا كَمَا قَالَ:" فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ" وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَلِيَّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفًى. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سَبَبِ النُّزُولِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) بُلُوغُ الْأَجَلِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: تَنَاهِيهِ، لِأَنَّ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَ" تَعْضُلُوهُنَّ" مَعْنَاهُ تَحْبِسُوهُنَّ. وَحَكَى الْخَلِيلُ: دَجَاجَةٌ مُعْضِلٌ: قَدِ احْتَبَسَ بِيضُهَا. وَقِيلَ: الْعَضْلُ التَّضْيِيقُ وَالْمَنْعُ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الْحَبْسِ، يُقَالُ: أَرَدْتُ أَمْرًا فَعَضَلْتَنِي عَنْهُ أَيْ مَنَعْتَنِي عَنْهُ وَضَيَّقْتَ عَلَيَّ. وَأَعْضَلَ الْأَمْرُ: إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الْحِيَلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ لَعُضْلَةٌ مِنَ الْعُضَلِ إِذَا كَانَ لَا يُقْدَرُ عَلَى وَجْهِ الْحِيلَةِ فِيهِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَصْلُ الْعَضْلِ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَضَلَتِ النَّاقَةُ إِذَا نَشِبَ وَلَدُهَا فَلَمْ يَسْهُلْ خُرُوجُهُ، وَعَضَلَتِ الدَّجَاجَةُ: نَشِبَ بِيضُهَا. وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ:-" مُعْضِلَةٌ وَلَا أَبَا حَسَنٍ"، أَيْ مَسْأَلَةٌ صَعْبَةٌ ضَيِّقَةُ الْمَخَارِجِ. وَقَالَ طَاوُسٌ: لَقَدْ وَرَدَتْ عُضَلُ أَقْضِيَةٍ مَا قَامَ بِهَا إِلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ. وَكُلُّ مُشْكِلٍ عِنْدَ الْعَرَبِ مُعْضِلٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ:

إِذَا الْمُعْضِلَاتُ تَصَدَّيْنَنِي ... كَشَفْتُ حَقَائِقَهَا بِالنَّظَرْ

وَيُقَالُ: أَعْضَلَ الْأَمْرُ إِذَا اشْتَدَّ. وَدَاءٌ عُضَالٌ أَيْ شَدِيدٌ عَسِرُ الْبُرْءِ أَعْيَا الْأَطِبَّاءَ. وَعَضَلَ فُلَانٌ أَيِّمَهُ أي منعها، يعضلها (بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ) لُغَتَانِ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ) وَلَمْ يَقُلْ" ذَلِكُمْ" لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِ. وَلَوْ كَانَ" ذَلِكُمْ" لَجَازَ، مِثْلُ (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ) أَيْ مَا لَكُمْ فِيهِ مِنَ الصلاح. (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك.