للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَضْيِيعٌ أَوْ دُخُولُ فَسَادٍ كَانَ حَاضِنًا لَهُ أَبَدًا حَتَّى يَبْلُغَ الْحُلُمَ. وَقَدْ قِيلَ: حَتَّى يُثْغِرَ «١»، وَحَتَّى تَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةُ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْأَبُ نَقْلَةَ سَفَرٍ وَإِيطَانٍ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ أَحَقَّ بِوَلَدِهِ مِنْ أُمِّهِ وَغَيْرِهَا إِنْ لَمْ تُرِدِ الِانْتِقَالَ. وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِتِجَارَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ أَوْلِيَاءُ الصَّبِيِّ الَّذِينَ يَكُونُ مآله «٢» إِذَا انْتَقَلُوا لِلِاسْتِيطَانِ. وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَنْقُلَ وَلَدَهَا عَنْ مَوْضِعِ سُكْنَى الْأَبِ إِلَّا فِيمَا يَقْرَبُ نَحْوَ الْمَسَافَةِ الَّتِي لَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ. وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا فِي حِينِ انْتِقَالِهِ عَنْ بَلَدِهَا أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ وَلَدَهُ عِنْدَهَا إِلَّا أَنْ تَلْتَزِمَ نَفَقَتَهُ وَمَئُونَتَهُ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَإِنِ الْتَزَمَتْ ذَلِكَ لَزِمَهَا: فَإِنْ مَاتَتْ لَمْ تُتْبَعْ بِذَلِكَ وَرَثَتُهَا فِي تَرِكَتِهَا. وَقَدْ قِيلَ: ذَلِكَ دَيْنٌ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا لَوْ مَاتَ الولد أَوْ كَمَا لَوْ صَالَحَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْحَمْلِ وَالرَّضَاعِ فَأَسْقَطَتْ لَمْ تُتْبَعْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- إِذَا تَزَوَّجَتِ الْأُمُّ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهَا وَلَدُهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا عِنْدَ مَالِكٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا نَكِحَتْ فَقَدِ انْقَطَعَ حقها. فإن طلقها لم يكن له الرُّجُوعُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْأَشْهَرِ عِنْدَنَا مِنْ مَذْهَبِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ وَذَكَرَهُ ابن خويز منداد أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَرَّةً: يُرَدُّ إِلَيْهَا. وَقَالَ مَرَّةً: لَا يُرَدُّ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: فَإِذَا خَرَجَتِ الْأُمُّ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ وَلَدُهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ فَهِيَ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ طُلِّقَتْ أَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا رَجَعَتْ فِي حَقِّهَا مِنَ الْوَلَدِ. قُلْتُ وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا كَانَ لَهَا أَخْذُهُ لِزَوَالِ الْعُذْرِ الَّذِي جَازَ لَهُ تَرْكُهُ. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ- فَإِنْ تَرَكَتِ الْمَرْأَةُ حَضَانَةَ وَلَدِهَا وَلَمْ تُرِدْ أَخْذَهُ وَهِيَ فَارِغَةٌ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ بِزَوْجٍ ثُمَّ أَرَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْذَهُ نُظِرَ لَهَا، فَإِنْ كَانَ تَرْكُهَا لَهُ مِنْ عُذْرٍ كَانَ لَهَا أَخْذُهُ، وَإِنْ كَانَتْ

تَرَكَتْهُ رَفْضًا لَهُ وَمَقْتًا لَمْ يَكُنْ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أخذه.


(١). الاثغار: سقوط سن الصبى وثباتها. وفي ح: حتى" يميز".
(٢). كذا في الأصول، ولعله مآله إليهم.