رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى مَكَّةَ فَقَدِمَ بِابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا آخُذُهَا أَنَا أَحَقُّ بِهَا، ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا عِنْدِي وَالْخَالَةُ أُمٌّ. فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، ابْنَةُ عَمِّي وَعِنْدِي ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ أَحَقُّ بِهَا. فَقَالَ زَيْدٌ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، أَنَا خَرَجْتُ إِلَيْهَا وَسَافَرْتُ وَقَدِمْتُ بِهَا. فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثًا قَالَ:" وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَأَقْضِي بِهَا لِجَعْفَرٍ تَكُونُ مَعَ خَالَتِهَا وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ". الْعَاشِرَةُ- قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَدْ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَلَّا حَقَّ لِلْأُمِّ فِي الْوَلَدِ إِذَا تَزَوَّجَتْ. قُلْتُ: كَذَا قَالَ فِي كِتَابِ الْأَشْرَافِ لَهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لَهُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ بِالتَّزَوُّجِ. وَأَجْمَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالنُّعْمَانُ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ. وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أُمٌّ وَكَانَ لَهَا جَدَّةٌ هِيَ أُمُّ الْأَبِ، فَقَالَ مَالِكٌ: أُمُّ الْأَبِ أَحَقُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ خَالَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْخَالَةُ أَوْلَى مِنَ الْجَدَّةِ أُمِّ الْأَبِ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَالنُّعْمَانِ: أُمُّ الْأَبِ أَحَقُّ مِنَ الْخَالَةِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْأَبَ أَوْلَى بِابْنِهِ مِنَ الْجَدَّةِ أُمِّ الْأَبِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَهَذَا عِنْدِي إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ. ثُمَّ الْأُخْتَ بَعْدَ الْأَبِ ثُمَّ الْعَمَّةَ. وَهَذَا إِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مَأْمُونًا عَلَى الْوَلَدِ، وَكَانَ عِنْدَهُ فِي حِرْزٍ وَكِفَايَةٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَنْ يَحُوطُ الصَّبِيَّ وَمَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهِ فِي حِفْظِهِ وَتَعَلُّمِهِ الْخَيْرَ. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْحَضَانَةَ حَقُّ الْوَلَدِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَرَوْنَ حَضَانَةً لِفَاجِرَةٍ وَلَا لِضَعِيفَةٍ عَاجِزَةٍ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّ الصَّبِيِّ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَضَانَةَ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْجَدَّةِ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالَةِ ثُمَّ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ ثُمَّ أُخْتِ الصَّبِيِّ ثُمَّ عَمَّةِ الصَّبِيِّ ثُمَّ ابْنَةِ أَخِي الصَّبِيِّ ثُمَّ الْأَبِ. وَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنَ الْأُخْتِ وَالْأُخْتُ أَوْلَى مِنَ الْعَمَّةِ وَالْعَمَّةُ أَوْلَى مِمَّنْ بَعْدَهَا، وَأَوْلَى مِنْ جَمِيعِ الرِّجَالِ الْأَوْلِيَاءِ. وَلَيْسَ لِابْنَةِ الْخَالَةِ وَلَا لِابْنَةِ الْعَمَّةِ وَلَا لِبَنَاتِ أَخَوَاتِ الصبى من حضانته شي. فَإِذَا كَانَ الْحَاضِنُ لَا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الطفل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute