الِاسْتِثْنَاءِ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ آيَةٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ فَقَالَ:" اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَشْرَفُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لِأَنَّهُ يُكَرَّرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ مُضْمَرٍ وَظَاهِرٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ مَرَّةً. (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) نَعْتٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ بَدَلًا مِنْ" هُوَ"، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ، وَإِنْ شِئْتَ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَإٍ. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ النَّصْبُ عَلَى الْمَدْحِ. وَ" الْحَيُّ" اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى يُسَمَّى بِهِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى الْأَعْظَمُ. وَيُقَالُ: إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى يَدْعُو بهذا الدعاء: ياحي يَا قَيُّومُ. وَيُقَالُ: إِنَّ آصَفَ بْنَ بَرْخِيَا لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِعَرْشِ بِلْقِيسَ إِلَى سليمان دعا بقوله ياحي يَا قَيُّومُ. وَيُقَالُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلُوا مُوسَى عَنِ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فَقَالَ لَهُمْ: أيا هيا شرا هيا، يَعْنِي يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ. وَيُقَالُ: هُوَ دُعَاءُ أَهْلِ الْبَحْرِ إِذَا خَافُوا الْغَرَقَ يَدْعُونَ بِهِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَوْمٍ: إِنَّهُ يُقَالُ حَيٌّ قَيُّومٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَيُسَلَّمُ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ. وَقِيلَ: سَمَّى نَفْسَهُ حَيًّا لِصَرْفِهِ الْأُمُورَ مَصَارِيفَهَا وَتَقْدِيرِهِ الْأَشْيَاءَ مَقَادِيرَهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْمُرَادُ بِالْحَيِّ الْبَاقِي. قَالَ لَبِيَدٌ:
فَإِمَّا تَرِينِي الْيَوْمَ أَصْبَحْتُ سالما ... ولست بِأَحْيَا مِنْ كِلَابٍ وَجَعْفَرِ
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا الِاسْمَ هُوَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ. (الْقَيُّومُ) مِنْ قَامَ، أَيِ الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِ مَا خَلَقَ، عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ حَتَّى يُجَازِيَهَا بِعَمَلِهَا، مِنْ حَيْثُ هُوَ عَالِمٌ بِهَا لَا يَخْفَى عليه شي مِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:
لَمْ تُخْلَقِ السَّمَاءُ وَالنُّجُومُ ... وَالشَّمْسُ مَعَهَا قَمَرٌ يَقُومُ
قَدَّرَهُ مُهَيْمِنٌ قَيُّومُ ... وَالْحَشْرُ وَالْجَنَّةُ وَالنَّعِيمُ
إِلَّا لِأَمْرٍ شَأْنُهُ عَظِيمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute