للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصفوان جمع واحده صفوانة، قال الْأَخْفَشُ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَفْوَانٌ وَاحِدٌ، مِثْلُ حَجَرٍ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: صَفْوَانٌ وَاحِدٌ وَجَمْعُهُ صِفْوَانٌ وَصُفِيٌّ وَصِفِيٌّ، وَأَنْكَرَهُ الْمُبَرِّدُ وَقَالَ: إِنَّمَا صُفِيُّ جَمْعُ صَفَا كَقَفَا وَقُفِيٍّ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى الصَّفْوَاءُ وَالصَّفَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ «١». وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيُّ" صَفَوَانٍ" بِتَحْرِيكِ الْفَاءِ، وَهِيَ لُغَةٌ. وَحَكَى قُطْرُبٌ صِفْوَانٍ. قَالَ النَّحَّاسُ: صَفْوَانٌ وَصَفَوَانٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا، إِلَّا أَنَّ الْأَوْلَى بِهِ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ) وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ تَذْكِيرُ الْجَمْعِ إِلَّا أَنَّ الشَّيْءَ لَا يَخْرُجُ عَنْ بَابِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ، فَأَمَّا مَا حَكَاهُ الْكِسَائِيُّ فِي الْجَمْعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى حَقِيقَةِ النَّظَرِ، وَلَكِنْ صِفْوَانٍ جَمْعُ صَفًا، وَصَفًا بِمَعْنَى صَفْوَانٍ، وَنَظِيرُهُ وَرَلٌ «٢» وَوِرْلَانٌ وَأَخٌ وَإِخْوَانٌ وَكَرًا وَكِرْوَانٌ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

لَنَا يَوْمٌ وَلِلْكِرْوَانِ يَوْمٌ ... تَطِيرُ الْبَائِسَاتُ وَلَا نَطِيرُ

وَالضَّعِيفُ فِي الْعَرَبِيَّةِ كِرْوَانٌ جَمْعُ كَرَوَانٍ، وَصَفِيٌّ وَصِفِيٌّ جَمْعُ صَفًا مِثْلُ عَصًا. وَالْوَابِلُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ. وَقَدْ وَبَلَتِ السَّمَاءُ تَبِلُ، وَالْأَرْضُ مَوْبُولَةٌ. قَالَ الْأَخْفَشُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى:" فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا «٣» " أَيْ شَدِيدًا. وَضَرْبٌ وَبِيلٌ، وَعَذَابٌ وَبِيلٌ أَيْ شَدِيدٌ. وَالصَّلْدُ: الْأَمْلَسُ مِنَ الْحِجَارَةِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: صَلِدَ يَصْلَدُ صَلَدًا بِتَحْرِيكِ اللَّامِ فَهُوَ صَلْدٌ بِالْإِسْكَانِ، وَهُوَ كُلُّ مَا لَا يُنْبِتُ شَيْئًا، وَمِنْهُ جَبِينٌ أَصْلَدُ، وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ لِرُؤْبَةَ:

بَرَّاقُ أَصْلَادِ الْجَبِينِ الْأَجْلَهِ «٤»

قَالَ النَّقَّاشُ: الْأَصْلَدُ الْأَجْرَدُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ. وَمَعْنَى (لَا يَقْدِرُونَ) يَعْنِي الْمُرَائِي وَالْكَافِرَ وَالْمَانَّ (عَلى شَيْءٍ) أَيْ على الانتفاع بثواب شي مِنْ إِنْفَاقِهِمْ وَهُوَ كَسْبُهُمْ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، إذ كَانَ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَعَبَّرَ عَنِ النَّفَقَةِ بِالْكَسْبِ، لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا بِهَا الْكَسْبَ. وَقِيلَ: ضَرَبَ هَذَا مَثَلًا لِلْمُرَائِي فِي إِبْطَالِ ثَوَابِهِ وَلِصَاحِبِ الْمَنِّ والأذى في إبطال فضله، ذكره الماوردي.


(١). راجع المسألة الثانية ج ٢ ص ١٧٩.
(٢). الورل (بالتحريك): دابة على خلقة الضب إلا أنها أعظم منه تكون في الرمال والصحارى، والعرب تستخبث الورل وتستقذره فلا تأكله.
(٣). راجع ج ١٩ ص ٤٧.
(٤). الجله: أشد من الجرح وهو ذهاب الشعر من مقدم الجبين.