للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوَاقٍ فِضَّةً، فَإِذَا بَلَغَتَا هَذَا الْمِقْدَارَ وَجَبَتْ فِيهِمَا الزَّكَاةُ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ، فَإِنِ انْقَطَعَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ آخَرُ فَإِنَّهُ تُبْتَدَأُ فِيهِ الزَّكَاةُ مَكَانَهُ. وَالرِّكَازُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ فِي حِينِهِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ حَوْلًا. قَالَ سَحْنُونُ فِي رَجُلٍ لَهُ مَعَادِنُ: إِنَّهُ لَا يَضُمُّ مَا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا وَلَا يُزَكِّي إِلَّا عَنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا فِي كُلِّ وَاحِدٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: يَضُمُّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَيُزَكِّي الْجَمِيعَ كَالزَّرْعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: الْمَعْدِنُ كَالرِّكَازِ، فَمَا وُجِدَ فِي الْمَعْدِنِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ اعْتُبِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَمَنْ حَصَلَ بِيَدِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ لِتَمَامِ الْحَوْلِ إِنْ أَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ وَهُوَ نِصَابٌ عِنْدَهُ، هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ. فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ضَمَّهُ إِلَى ذَلِكَ وَزَكَّاهُ. وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ كُلُّ فَائِدَةٍ تُضَمُّ فِي الْحَوْلِ إِلَى النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهَا وَتُزَكَّى لِحَوْلِ الْأَصْلِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ. وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: وَأَمَّا الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ فِيهِ فَمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ. قَالَ الْمُزَنِيُّ: الْأَوْلَى بِهِ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ يَكُونَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعْدِنِ فَائِدَةً يُزَكَّى بِحَوْلِهِ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَائِدَةِ يُسْتَأْنَفُ بِهِ حَوْلًا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا حَصَّلَهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ مَذْهَبِهِ، وَقَالَ بِهِ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ إِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَ مَالِكٍ صَحِيحُ الْمِلْكِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنِ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ" أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَنْعُمَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى قَوْمًا مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ذُهَيْبَةً «١» فِي تُرْبَتِهَا، بَعَثَهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْيَمَنِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ حَقُّهُمْ فِي الزَّكَاةِ، فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَعَادِنَ سُنَّتُهَا سُنَّةُ الزَّكَاةِ. وَحُجَّةُ مَالِكٍ حَدِيثٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةَ «٢» وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ، «٣» فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى

الْيَوْمِ إِلَّا الزَّكَاةُ. وَهَذَا


(١). هي تصغير ذهب، وأدخل الهاء فيها لان الذهب يؤنث، والمؤنث الثلاثي إذا صغر ألحق في تصغيره الهاء نحو شمسية. وقيل: على نية القطعة منها فصغرها على لفظها.
(٢). القبلية (بالتحريك): منسوبة إلى قبل موضع من ساحل البحر على خمسة أيام من المدينة. والفرع (بضم فسكون): قرية من نواحي الربذة عن يسار السقيا بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة، وقيل أربع ليال، بها منبر ونخل ومياه كثيرة.
(٣). القبلية (بالتحريك): منسوبة إلى قبل موضع من ساحل البحر على خمسة أيام من المدينة. والفرع (بضم فسكون): قرية من نواحي الربذة عن يسار السقيا بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة، وقيل أربع ليال، بها منبر ونخل ومياه كثيرة.