دَفْنُهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْعَادِيَةِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ فَحُكْمُهُ عِنْدَهُمْ حُكْمُ اللُّقَطَةِ. الْخَامِسَةُ- وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الرِّكَازِ إِذَا وُجِدَ، فَقَالَ مَالِكٌ: مَا وُجِدَ مِنْ دفن الجاهلية في أرض العرب أوفى فَيَافِي الْأَرْضِ الَّتِي مَلَكَهَا الْمُسْلِمُونَ بِغَيْرِ حَرْبٍ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ وَفِيهِ الْخُمُسُ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَاللُّقَطَةِ. قَالَ: وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَهُوَ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا دُونَ وَاجِدِهِ، وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ لِأَهْلِ تلك البلاد دون الناس، ولا شي لِلْوَاجِدِ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ فَهُوَ لَهُ دُونَهُمْ. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ لِجُمْلَةِ أَهْلِ الصُّلْحِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَإِنَّمَا حُكِمَ لِلرِّكَازِ بِحُكْمِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ كَافِرٌ وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فَأُنْزِلَ مَنْزِلَةَ مَنْ قَاتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ، فَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الْعُرُوضِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ يُوجَدُ رِكَازًا: إِنَّ فِيهِ الْخُمُسَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا أَرَى فِيهِ شَيْئًا، ثُمَّ آخِرُ مَا فَارَقْنَاهُ أَنْ قَالَ: فِيهِ الْخُمُسُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ فِي الرِّكَازِ يُوجَدُ فِي الدَّارِ: إِنَّهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ دُونَ الْوَاجِدِ وَفِيهِ الْخُمُسُ. وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ: إِنَّهُ لِلْوَاجِدِ دُونُ صَاحِبِ الدَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ: وَإِنْ وُجِدَ فِي الْفَلَاةِ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِيهِ الْخُمُسُ. وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ أَرْضِ الصُّلْحِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ أَرْضُ الْعَرَبِ وَغَيْرُهَا، وَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ لِوَاجِدِهِ أَنْ يَحْتَبِسَ الْخُمُسَ لِنَفْسِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ لِلْمَسَاكِينِ. وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وأصحاب مالك من لا يفرق بين شي مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا: سَوَاءٌ وُجِدَ الرِّكَازُ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ أَوْ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ أَوْ أَرْضِ الْعَرَبِ أَوْ أَرْضِ الْحَرْبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَمْ يَدَّعِهِ أَحَدٌ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ وَفِيهِ الْخُمُسُ عَلَى عُمُومِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. السَّادِسَةُ- وَأَمَّا مَا يُوجَدُ مِنَ الْمَعَادِنِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فقال مالك وأصحابه: لا شي فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَتَّى يَكُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ خمس
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute