وَقَطْعُهُ بِهِ. وَمَسَحَتِ الْإِبِلُ يَوْمَهَا إِذَا سَارَتْ. والمسحاء المرأة الرسحاء التي لا إست لها. وَبِفُلَانٍ مَسْحَةٌ مِنْ جَمَالٍ. وَالْمُرَادُ هُنَا بِالْمَسْحِ عبارة عن جراليد عَلَى الْمَمْسُوحِ خَاصَّةً، فَإِنْ كَانَ بِآلَةٍ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الْآلَةِ إِلَى الْيَدِ وَجَرِّهَا عَلَى الْمَمْسُوحِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ «١»). فَقَوْلُهُ (مِنْهُ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِ التُّرَابِ إِلَى مَحِلِّ التَّيَمُّمِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَا نَشْتَرِطُهُ نَحْنُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَرَفَعَهُمَا نَفَخَ فِيهِمَا، وَفِي رِوَايَةٍ: نَفَضَ. وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْآلَةِ، يُوَضِّحُهُ تَيَمُّمُهُ عَلَى الْجِدَارِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ بِالْمَاءِ مِنْ بَلَلٍ يُنْقَلُ إِلَى الرَّأْسِ، فَكَذَلِكَ الْمَسْحُ بِالتُّرَابِ لَا بُدَّ مِنَ النَّقْلِ. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ حُكْمَ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ الِاسْتِيعَابُ وَتَتَبُّعُ مَوَاضِعِهِ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ أَلَّا يُتَتَبَّعَ كَالْغُضُونِ فِي الْخُفَّيْنِ وَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي الرَّأْسِ، وَهُوَ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، حَكَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) فَبَدَأَ بِالْوَجْهِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ. وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ فِي (بَابِ التَّيَمُّمِ ضَرْبَةً) ذَكَرَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الْوَجْهِ. وَقَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قِيَاسًا عَلَى تَنْكِيسِ الْوُضُوءِ. الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْنَ يَبْلُغُ بِالتَّيَمُّمِ فِي الْيَدَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إِلَى الْمَنَاكِبِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَفِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ عَنِ الْأَعْمَشِ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ إِلَى أَنْصَافِ ذِرَاعَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا حَفِظْتُ. وَقِيلَ: يَبْلُغُ بِهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَاللَّيْثِ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ بُلُوغَ الْمِرْفَقَيْنِ بِالتَّيَمُّمِ فَرْضًا وَاجِبًا. وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ نَافِعٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ: مَنْ تَيَمَّمَ إِلَى الْكُوعَيْنِ أَعَادَ الصَّلَاةَ أَبَدًا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ. وَرَوَى التَّيَمُّمَ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَابِرُ بْنُ عبد الله وابن عمر
(١). راجع ج ٦ ص ١٠٦
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute