للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا. رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إِذَا سَلَّمْتَ عَلَى الْوَاحِدِ فَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ مَعَهُ الْمَلَائِكَةَ. وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ يَكُونُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: يَقُولُ الْمُسَلِّمُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَيَقُولُ الرَّادُّ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ، أَوْ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ كَمَا قِيلَ لَهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (أَوْ رُدُّوها) وَلَا تَقُلْ فِي رَدِّكَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ. الرَّابِعَةُ- وَالِاخْتِيَارُ فِي التَّسْلِيمِ وَالْأَدَبُ فِيهِ تَقْدِيمُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى اسْمِ الْمَخْلُوقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ). وَقَالَ فِي قِصَّةِ إبراهيم عليه السلام: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) وَقَالَ مُخْبِرًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ: (سَلَامٌ عَلَيْكَ). وَفِي صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ «١» طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ- قَالَ- فَذَهَبَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ- قَالَ- فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ- قَالَ- فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدَهُ حَتَّى الْآنَ.) قُلْتُ: فَقَدْ جمع هذا الحديث مع صحته فوائد سبع: الْأُولَى- الْإِخْبَارُ عَنْ صِفَةِ خَلْقِ آدَمَ. الثَّانِيةُ- أَنَّا نَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَيْهَا بِفَضْلِهِ. الثَّالِثَةُ- تَسْلِيمُ الْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ. الرَّابِعَةُ- تَقْدِيمُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى. الْخَامِسَةُ- الرَّدُّ بِالْمِثْلِ لِقَوْلِهِمُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. السَّادِسَةُ- الزِّيَادَةُ فِي الرَّدِّ. السَّابِعَةُ- إِجَابَةُ الْجَمِيعِ بِالرَّدِّ كَمَا يَقُولُ الْكُوفِيُّونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسَةُ- فَإِنْ رَدَّ فَقَدَّمَ اسْمَ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ لَمْ يَأْتِ مُحَرَّمًا وَلَا مَكْرُوهًا، لِثُبُوتِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يُحْسِنِ الصَّلَاةَ وَقَدْ سَلَّمَ عَلَيْهِ: (وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ). وَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، حِينَ أَخْبَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبْرِيلَ يَقْرَأُ عَلَيْهَا السَّلَامَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي حديث عائشة


(١). قال النووي: (هذه الرواية ظاهرة في أن الضمير في صورته عائد إلى آدم، وأن المراد أنه خلق في أول نشأته على صورته التي كان عليها في الأرض وتوفى عليها (.) (