للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَقْتُولِ بِخَيْبَرَ لِحُوَيِّصَةَ «١» وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَكَانَ ذَلِكَ بَيَانًا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لمجمل كتابه. وأجمع أهل العلم عل أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ الْإِبِلِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، فِي الْقَدِيمِ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَقَتَادَةَ. وَأَمَّا أَهْلُ الْوَرِقِ فَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَفَارِسٍ وَخُرَاسَانَ، هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ عَلَى مَا بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَوَّمَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى فَجَعَلَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ الدِّيَةُ الْإِبِلُ، فَإِنْ أَعْوَزَتْ فَقِيمَتُهَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى مَا قَوَّمَهَا عُمَرُ، أَلْفَ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ: الدِّيَةُ مِنَ الْوَرِقِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ. رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفُ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ صِنْفٌ مِنْ أَصْنَافِ الدِّيَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْقِيمَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا رَوَاهُ [عَنْ «٢»] عُمَرَ فِي الْبَقَرِ وَالشَّاءِ وَالْحُلَلِ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَطَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الْمَدَنِيِّينَ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ لَا دِيَةَ غَيْرُهَا كَمَا فَرَضَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ فِي كُلِّ زَمَانٍ، كَمَا فَرَضَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ «٣» عَنْ عُمَرَ [رَضِيَ اللَّهُ «٤» عَنْهُ] في أعداد الدراهم وما منها شي يَصِحُّ عَنْهُ لِأَنَّهَا مَرَاسِيلُ، وَقَدْ عَرَّفْتُكَ مَذْهَبَ الشافعي وبه ونقول.


(١). حويصة ومحيصة (بضم ففتح ثم ياء مشددة مكسورة، ومخففة ساكنة والأشهر التشديد).
(٢). في ج وط وى.
(٣). في ط: الاخبار.
(٤). في ط.