للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَامِسَةُ- وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَسْنَانِ دِيَةِ الْإِبِلِ، فروى أبو داود من حديث عمرو ابن شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ مَنْ قُتِلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ: ثَلَاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَثَلَاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَعَشْرُ بَنِي لَبُونٍ «١». قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْرِفُ أَحَدًا قَالَ بِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: دِيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسٌ. كَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالثَّوْرِيُّ، وَكَذَلِكَ مَالِكٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْأَصْنَافِ، قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ: خُمُسٌ بَنُو مَخَاضٍ، وَخُمُسٌ بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَخُمُسٌ بَنَاتُ لَبُونٍ، وَخُمُسٌ حِقَاقٌ، وَخُمُسٌ جِذَاعٌ. وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: خُمُسٌ حِقَاقٌ، وَخُمُسٌ جِذَاعٌ، وَخُمُسٌ بَنَاتُ لَبُونٍ، وَخُمُسٌ بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَخُمُسٌ بَنُو لَبُونٍ. وَحُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَلِأَصْحَابِ الرَّأْيِ فِيهِ أَثَرٌ، إِلَّا أَنَّ رَاوِيَهُ «٢» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَعَدَلَ الشَّافِعِيُّ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِلَّةِ فِي رَاوِيهِ، وَلِأَنَّ فِيهِ بَنِي مَخَاضٍ وَلَا مَدْخَلَ لبني مخاض في شي مِنْ أَسْنَانِ الصَّدَقَاتِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْقَسَامَةِ أَنَّهُ وَدَى قَتِيلَ خَيْبَرَ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَلَيْسَ فِي أَسْنَانِ الصَّدَقَةِ ابْنُ مَخَاضٍ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَدْ رَوَى زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ أَخْمَاسًا، إِلَّا أَنَّ هَذَا لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا خِشْفُ بْنُ مَالِكٍ الْكُوفِيُّ الطَّائِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَرْمَلٍ الطَّائِيُّ [الْجُشَمِيُّ «٣»] مِنْ بَنِي جُشَمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَحَدُ ثِقَاتُ الْكُوفِيِّينَ. قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قضى رسول الله صلى


(١). في شرح الموطأ للباجى: (قال محمد بن عيسى الأعشى في المزنية: بنت مخاض وهى التي تتبع أمها وقد حملت أمها وقد حملت أمها. وبنت اللبون وهى التي تتبع أمها أيضا وهى ترضع. والحقة وهى التي تستحق الحمل. وأما الجذعة من الإبل فهي ما كان من فوق أربعة وعشرين شهرا).
(٢). كذا في الأصل، والراوي خشف كما هو في الدارقطني، فعبد الله مقحم، كما يأتي.
(٣). من ط وى.) (