للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَامِسَةُ عَشْرَةَ- رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ إِنَّ أَعْمَى كَانَ يُنْشِدُ [فِي الْمَوْسِمِ «١» [فِي خِلَافَةِ عُمَرَ [بْنِ الْخَطَّابِ «٢» [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ:

[يَا] أَيُّهَا النَّاسُ ليقت مُنْكَرَا ... هَلْ يَعْقِلُ الْأَعْمَى الصَّحِيحَ الْمُبْصِرَا

خَرَّا مَعًا كِلَاهُمَا تَكَسَّرَا

وَذَلِكَ أَنَّ الْأَعْمَى كَانَ يَقُودُهُ بَصِيرٌ فَوَقَعَا فِي بِئْرٍ، فَوَقَعَ الْأَعْمَى عَلَى الْبَصِيرِ فَمَاتَ الْبَصِيرُ، فَقَضَى عُمَرُ بِعَقْلِ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رَجُلٍ يَسْقُطُ عَلَى آخَرَ فَيَمُوتُ أَحَدُهُمَا، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: يَضْمَنُ الْأَعْلَى الْأَسْفَلَ، وَلَا يَضْمَنُ الْأَسْفَلُ الْأَعْلَى. وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ وَالنَّخَعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلَيْنِ جَرَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ حَتَّى سَقَطَا وَمَاتَا: عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي جَبَذَهُ الدِّيَةُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَا أَظُنُّ فِي هَذَا خِلَافًا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- إِلَّا مَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يَضْمَنُ نِصْفَ الدِّيَةِ، لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ، وَمِنْ سُقُوطِ السَّاقِطِ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَكَمُ وَابْنُ شُبْرُمَةَ: إِنْ سَقَطَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، قَالَا: يَضْمَنُ الْحَيُّ مِنْهُمَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي رَجُلَيْنِ يَصْدِمُ أَحَدَهُمَا الْآخَرَ فَمَاتَا، قَالَ: دِيَةُ الْمَصْدُومِ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّادِمِ، وَدِيَةُ الصَّادِمِ هَدَرٌ. وَقَالَ فِي الْفَارِسَيْنِ إِذَا اصْطَدَمَا فَمَاتَا: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِعْلِ «٣» صَاحِبِهِ، وقاله عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَزُفَرُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْفَارِسَيْنِ يَصْطَدِمَانِ فَيَمُوتَانِ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ عَلَى عَاقِلَتِهِ. قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادُ: وَكَذَلِكَ عِنْدَنَا السَّفِينَتَانِ تَصْطَدِمَانِ إِذَا لَمْ يَكُنِ النُّوتِيُّ صَرَفَ السَّفِينَةَ وَلَا الْفَارِسُ صَرَفَ الْفَرَسَ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَالْفَارِسَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الضَّمَانُ لِقِيمَةِ مَا أَتْلَفَ لِصَاحِبِهِ كَامِلًا. السَّادِسَةُ عَشْرَةَ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي تَفْصِيلِ دِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: هِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ نسائهم


(١). الزيادة عن الدارقطني.
(٢). من ج، ز.
(٣). في ج: ثقل