عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ. رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزبير وعمرو ابن شُعَيْبٍ وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ رَوَى فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عن عبد الرحمن ابن الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا قَدْ رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ: الْمَقْتُولُ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ خَطَأً لَا تُبَالِي مُؤْمِنًا كَانَ أَوْ كَافِرًا عَلَى عَهْدِ قَوْمِهِ فِيهِ الدِّيَةُ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة والثوى وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، جَعَلُوا الدِّيَاتِ كُلَّهَا سَوَاءً، الْمُسْلِمُ وَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَالذِّمِّيُّ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ. وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَدِيَةٌ) وَذَلِكَ يَقْتَضِي الدِّيَةَ كَامِلَةً كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ. وَعَضَّدُوا هَذَا بِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ دِيَتَهُمْ سَوَاءً دِيَةً كَامِلَةً. قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا حَدِيثٌ فِيهِ لِينٌ وَلَيْسَ فِي مِثْلِهِ حُجَّةٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَحُجَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ أَقَلَّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ، وَالذِّمَّةُ بَرِيئَةٌ إِلَّا بِيَقِينٍ أَوْ حُجَّةٍ. وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ. السَّابِعَةُ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أَيِ الرَّقَبَةَ وَلَا اتَّسَعَ مَالُهُ لِشِرَائِهَا. (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ) أَيْ فَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ. (مُتَتابِعَيْنِ) حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا اسْتَأْنَفَ، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ مَكِّيٌّ عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنَّ صِيَامَ الشَّهْرَيْنِ يُجْزِئُ عَنِ الدِّيَةِ وَالْعِتْقِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا الْقَوْلُ وَهْمٌ، لِأَنَّ الدِّيَةَ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَيْسَتْ عَلَى الْقَاتِلِ. وَالطَّبَرِيُّ حَكَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ مَسْرُوقٍ. الثَّامِنَةُ عَشْرَةَ- وَالْحَيْضُ لَا يَمْنَعُ التَّتَابُعَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنَّهَا إِذَا طَهُرَتْ وَلَمْ تُؤَخِّرْ وَصَلَتْ بَاقِيَ صِيَامِهَا بِمَا سَلَفَ منه، لا شي عَلَيْهَا غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا قبل الفجر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute