للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَامَّةَ أَبَتِ إِلَّا الرَّفْعَ، يَعْنِي عَامَّةَ الْقُرَّاءِ وَجُلَّهُمْ، فَأَنْزَلَ سِيبَوَيْهِ النَّوْعَ السَّارِقَ مَنْزِلَةَ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ" وَالسَّارِقُونَ وَالسَّارِقَاتُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمْ" وَهُوَ يُقَوِّي قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ. وَالسَّرِقُ وَالسَّرِقَةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ فِيهِمَا هُوَ اسْمُ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ، وَالْمَصْدَرُ مِنْ سَرَقَ يَسْرِقُ سَرَقًا بِفَتْحِ الرَّاءِ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَأَصْلُ هَذَا اللَّفْظِ إِنَّمَا هُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ فِي خُفْيَةٍ مِنَ الْأَعْيُنِ، وَمِنْهُ اسْتَرَقَ السَّمْعَ، وَسَارَقَهُ النَّظَرُ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: السَّارِقُ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ مَنْ جَاءَ مُسْتَتِرًا إِلَى حِرْزٍ فَأَخَذَ مِنْهُ مَا لَيْسَ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ ظَاهِرٍ فَهُوَ مُخْتَلِسٌ وَمُسْتَلِبٌ وَمُنْتَهِبٌ وَمُحْتَرِسٌ «١»، فَإِنْ تَمَنَّعَ «٢» بِمَا فِي يَدِهِ فَهُوَ غَاصِبٌ. قُلْتُ: وَفِي الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَأَسْوَأُ السَّرِقَةِ الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ) قَالُوا: وَكَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ؟ قَالَ: لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا) خَرَّجَهُ الْمُوَطَّأُ وَغَيْرُهُ، فَسَمَّاهُ سَارِقًا وَإِنْ كَانَ لَيْسَ سَارِقًا مِنْ حَيْثُ] هُوَ [«٣» مَوْضِعُ الِاشْتِقَاقِ، فَإِنَّهُ ليس قيه مُسَارَقَةُ الْأَعْيُنِ غَالِبًا. الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَاقْطَعُوا" الْقَطْعُ مَعْنَاهُ الْإِبَانَةُ وَالْإِزَالَةُ، وَلَا يَجِبُ إِلَّا بِجَمْعِ أَوْصَافٍ تُعْتَبَرُ فِي السَّارِقِ وَفِي الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ، وَفِي الْمَوْضِعِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَفِي صِفَتِهِ. فَأَمَّا مَا يُعْتَبَرُ فِي السَّارِقِ فَخَمْسَةُ أَوْصَافٍ، وَهِيَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَالِكٍ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَأَلَّا يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ، فَلَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ إِنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ إِنْ أَخَذَ مَالَ عَبْدِهِ لَا قَطْعَ بِحَالٍ، لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ لِسَيِّدِهِ. وَلَمْ يُقْطَعْ أَحَدٌ بِأَخْذِ مَالِ عَبْدِهِ لِأَنَّهُ آخِذٌ لِمَالِهِ، وَسَقَطَ قَطْعُ الْعَبْدِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَبِقَوْلِ الْخَلِيفَةِ «٤»: غُلَامُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ. وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ الْآبِقِ إِذَا سَرَقَ قَطْعٌ وَلَا عَلَى الذِّمِّيِّ) قَالَ: لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ فَهْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَالصَّوَابُ] أَنَّهُ [«٥» مَوْقُوفٌ. وَذَكَرَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا سرق


(١). المحترس الذي يسرق حريسة الجبل.
(٢). من ع.
(٣). من ج.
(٤). الخليفة عمر ابن الخطاب- رضى الله عنه- والسارق كان غلاما لعبد الله بن عمرو الحضرمي سرق مرآة لامرأته ثمنها ستون درهما.
(٥). من ك.