الْعَبْدُ فَبِيعُوهُ وَلَوْ بِنَشٍّ «١» (أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سلمة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: وَحَدَّثَنَا جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ تَمِيمٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْخُمُسِ سَرَقَ مِنَ الْخُمُسِ، فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقْطَعْهُ. وَقَالَ: (مَالُ اللَّهِ سَرَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا) وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ مَتْرُوكٌ، قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ. وَلَا قَطْعَ عَلَى صَبِيٍّ ولا مجنون. وَيَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ، وَالْحَرْبِيِّ إِذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ. وَأَمَّا مَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ فَأَرْبَعَةُ أَوْصَافٍ، وَهِيَ النِّصَابُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُتَمَوَّلُ وَيُتَمَلَّكُ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُتَمَوَّلُ وَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يُقْطَعُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ حَاشَا الْحُرِّ الصَّغِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَالِ، وَلَمْ يُقْطَعِ السَّارِقُ فِي الْمَالِ لِعَيْنِهِ. وَإِنَّمَا قُطِعَ لِتَعَلُّقِ النُّفُوسِ بِهِ، وَتَعَلُّقِهَا بِالْحُرِّ أَكْثَرُ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْعَبْدِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَلُحُومِ الضَّحَايَا، فَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْكَلْبِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: ذَلِكَ فِي الْمَنْهِيِّ عَنِ اتِّخَاذِهِ، فَأَمَّا الْمَأْذُونُ فِي اتِّخَاذِهِ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ. قَالَ: وَمَنْ سَرَقَ لَحْمَ أُضْحِيَّةٍ أَوْ جِلْدِهَا قُطِعَ إِذَا كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ: إِنْ سَرَقَ الْأُضْحِيَّةَ قَبْلَ الذَّبْحِ قُطِعَ، وَأَمَّا إِنْ سَرَقَهَا بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَا يُقْطَعُ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ اتِّخَاذُ أَصْلِهِ وَبَيْعِهِ، فَصَنَعَ مِنْهُ مَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ كَالطُّنْبُورِ وَالْمَلَاهِي مِنَ الْمِزْمَارِ وَالْعُودِ وَشِبْهِهِ مِنَ آلَاتِ اللَّهْوِ فَيُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ يَبْقَى مِنْهَا بَعْدَ فَسَادِ صُوَرِهَا وَإِذْهَابِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِهَا رُبُعُ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ قُطِعَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَيُؤْمَرُ بِكَسْرِهَا فَإِنَّمَا يُقَوَّمُ مَا فِيهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ دُونَ صَنْعَةٍ. وَكَذَلِكَ الصَّلِيبُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَالزَّيْتُ النَّجِسُ إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى نَجَاسَتِهِ نِصَابًا قُطِعَ فِيهِ. الْوَصْفُ الثَّالِثُ، أَلَّا يَكُونَ لِلسَّارِقِ فِيهِ مِلْكٌ، كَمَنْ سَرَقَ مَا رَهَنَهُ
(١). النش: (بفتح النون وتشديد الشين) عشرون درهما ويطلق على النصف من كل شي فالمراد البيع ولو بنصف القيمة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute