للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَضْلٌ عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ أَطْعَمَ إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْجُوعَ، أَوْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ نِصَابٌ فَهُوَ غَيْرُ وَاجِدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: إِذَا كَانَ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَطْعَمَ مَا فَضَلَ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِذَا كَانَ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَعِيَالِهِ وَكِسْوَةٌ تَكُونُ لِكِفَايَتِهِمْ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالِكًا لِقَدْرِ الْكَفَّارَةِ فَهُوَ عِنْدَنَا وَاجِدٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ حسن. الثانية والأربعون- قوله تعالى: قَرَأَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ (مُتَتَابِعَاتٍ) فَيُقَيَّدُ بِهَا الْمُطْلَقُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَاعْتِبَارًا بِقِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْآخَرِ: يُجْزِئُهُ التَّفْرِيقُ، لِأَنَّ التَّتَابُعَ صِفَةٌ لَا تَجِبُ إِلَّا بِنَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ عَلَى مَنْصُوصٍ وَقَدْ عُدِمَا. الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ- مَنْ أَفْطَرَ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الصِّيَامِ نَاسِيًا فَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الصِّيَامِ فِي (الْبَقَرَةِ)»

. الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ- هَذِهِ الْكَفَّارَةُ الَّتِي نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهَا لَازِمَةٌ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ بِاتِّفَاقٍ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ مِنْهَا عَلَى الْعَبْدِ إِذَا حَنِثَ، فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الصَّوْمُ، لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ، فَحَكَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُكَفِّرُ الْعَبْدُ بِالْعِتْقِ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ، وَلَكِنْ يُكَفِّرُ بِالصَّدَقَةِ إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَأَصْوَبُ ذَلِكَ أَنْ يصوم. وحكى ابن القاسم عنه أن قَالَ: إِنْ أَطْعَمَ أَوْ كَسَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فما هو بالبين، وفي قلبي منه شي. الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ) أَيْ تَغْطِيَةُ أَيْمَانِكُمْ، وَكَفَّرْتُ الشَّيْءَ غَطَّيْتُهُ وَسَتَرْتُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ التَّابِعِينَ إِلَى أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ فِعْلُ الْخَيْرِ الذي حلف في تركه.


(١). راجع ج ٢ ص ٣٢٢، وما بعدها. [ ..... ]