للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْكُمْ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْمٍ أَصَابُوا ضَبْعًا قَالَ: عَلَيْهِمْ كَبْشٌ يَتَخَارَجُونَهُ «١» بَيْنَهُمْ. وَدَلِيلُنَا قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ:" وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ" وَهَذَا خِطَابٌ لِكُلِّ قَاتِلٍ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَاتِلِينَ لِلصَّيْدِ قَاتِلٌ نَفْسًا عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ، بِدَلِيلِ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْقِصَاصُ، وَقَدْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ إِجْمَاعًا مِنَّا وَمِنْهُمْ، فَثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ. الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ وَكُلُّهُمْ «٢» مُحِلُّونَ، عَلَيْهِمْ جَزَاءُ وَاحِدٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُونَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ. وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ مُحْرِمًا بِدُخُولِهِ الْحَرَمَ، كَمَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِتَلْبِيَتِهِ بِالْإِحْرَامِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفِعْلَيْنِ قَدْ أَكْسَبَهُ صِفَةٌ تَعَلَّقَ بِهَا نهي، فهو هاتك لها في الحالتين. وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ قَالَ: السِّرُّ فِيهِ أَنَّ الْجِنَايَةَ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَقَدِ ارْتَكَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَحْظُورَ إِحْرَامِهِ. وَإِذَا قَتَلَ الْمُحِلُّونَ] صَيْدًا [«٣» فِي الْحَرَمِ فَإِنَّمَا أَتْلَفُوا دَابَّةً مُحَرَّمَةً بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَتْلَفَ جَمَاعَةٌ دَابَّةً، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَاتِلُ دَابَّةٍ، وَيَشْتَرِكُونَ فِي الْقِيمَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَأَبُو حَنِيفَةَ أَقْوَى مِنَّا، وَهَذَا الدَّلِيلُ يَسْتَهِينُ بِهِ عُلَمَاؤُنَا وَهُوَ عَسِيرُ الِانْفِصَالِ عَلَيْنَا. الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) الْمَعْنَى أَنَّهُمَا إِذَا حَكَمَا بِالْهَدْيِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالْهَدْيِ مِنَ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ، وَيُرْسَلُ مِنَ الْحِلِّ إِلَى مَكَّةَ، وَيُنْحَرُ وَيُتَصَدَّقُ بِهِ فِيهَا، لِقَوْلِهِ:" هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ" وَلَمْ يُرِدِ الْكَعْبَةَ بِعَيْنِهَا فَإِنَّ الْهَدْيَ لَا يَبْلُغُهَا، إِذْ هِيَ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَرَمَ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَحْتَاجُ الْهَدْيُ إِلَى الْحِلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ مِنَ الْهَدْيِ يَجِبُ فِي الصَّغِيرِ مِنَ الصَّيْدِ، فَإِنَّهُ يُبْتَاعُ فِي الحرم ويهدى فيه.


(١). يتخارج بمعنى يخرج كل واحد منهم نصيبه من ثمنه.
(٢). من ع.
(٣). الزيادة عن ابن العربي. [ ..... ]