للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُ: إِنَّ النَّفْلَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْخُمُسِ. وَبَيَانُهُ أَنَّ هَذِهِ السَّرِيَّةَ لَوْ نُزِّلَتْ عَلَى أَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا عَشَرَةً مَثَلًا أَصَابُوا فِي غَنِيمَتِهِمْ مِائَةً وَخَمْسِينَ، أَخْرَجَ مِنْهَا خُمُسَهَا ثَلَاثِينَ وَصَارَ لَهُمْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، قُسِّمَتْ عَلَى عَشْرَةٍ وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا، اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا، ثُمَّ أُعْطِيَ الْقَوْمُ مِنَ الْخُمُسِ بَعِيرًا بَعِيرًا، لِأَنَّ خُمُسَ الثَّلَاثِينَ لَا يَكُونُ فِيهِ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ. فَإِذَا عَرَفْتَ مَا لِلْعَشَرَةِ عَرَفْتَ مَا لِلْمِائَةِ وَالْأَلْفِ وَأَزْيَدَ. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ بِأَنْ قَالَ: جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ثياب تباع ومتاع غير الإبل، فأعط مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْبَعِيرُ قِيمَةَ الْبَعِيرِ مِنْ تِلْكَ الْعُرُوضِ. وَمِمَّا يُعَضِّدُ هَذَا مَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ: فَأَصَبْنَا إِبِلًا وَغَنَمًا، الْحَدِيثَ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَمِيرَ نَفَّلَهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ، وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّفْلُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ. وَقَوْلُ مَنْ رَوَى خِلَافَهُ أَوْلَى لِأَنَّهُمْ حُفَّاظٌ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ مَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يُنَفَّلُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْعُلَمَاءِ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَإِنْ زَادَهُمْ فَلْيَفِ لَهُمْ وَيَجْعَلْ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ فِي النَّفْلِ حَدٌّ لَا يَتَجَاوَزُهُ الْإِمَامُ. الرَّابِعَةُ- وَدَلَّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْوَلِيدُ وَالْحَكَمُ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ السَّرِيَّةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْعَسْكَرِ فَغَنِمَتْ أَنَّ الْعَسْكَرَ شُرَكَاؤُهُمْ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَحُكْمٌ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْحَدِيثِ غَيْرُ شُعَيْبٍ عَنْ نَافِعٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. الْخَامِسَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْإِمَامِ يَقُولُ قَبْلَ الْقِتَالِ: مَنْ هَدَمَ كَذَا مِنَ الْحِصْنِ فَلَهُ كَذَا، وَمَنْ بَلَغَ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا، وَمَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا، وَمَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ كَذَا، يُضَرِّيهِمْ «١». فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ. وَقَالَ: هُوَ قِتَالٌ عَلَى الدُّنْيَا. وَكَانَ لَا يُجِيزُهُ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا". الحديث بطوله.


(١). التضرية: الإغراء.