للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُجَّارًا عَنْ بِلَادِهِمُ الَّتِي أُقِرُّوا فِيهَا إِلَى غير ها أُخِذَ مِنْهُمُ الْعُشْرُ إِذَا بَاعُوا وَنَضَّ «١» ثَمَنُ ذَلِكَ بِأَيْدِيهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا إِلَّا فِي حَمْلِهِمُ الطَّعَامَ الْحِنْطَةَ وَالزَّيْتَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ خَاصَّةً، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ عَلَى مَا فَعَلَ عُمَرُ. وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَنْ لَا يَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْعُشْرُ فِي تِجَارَتِهِمْ إِلَّا مَرَّةً فِي الْحَوْلِ، مِثْلَ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. السَّابِعَةُ- إِذَا أَدَّى أَهْلُ الْجِزْيَةِ جِزْيَتَهُمْ الَّتِي ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ أَوْ صُولِحُوا عَلَيْهَا خُلِّيَ بينهم وبين أموالهم كلها، وبين كرومهم وعصر ها ما ستروا خمور هم وَلَمْ يُعْلِنُوا بَيْعَهَا مِنْ مُسْلِمٍ وَمُنِعُوا مِنْ إِظْهَارِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ أَظْهَرُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أُرِيقَتِ الْخَمْرُ عَلَيْهِمْ، وَأُدِّبَ مَنْ أَظْهَرَ الْخِنْزِيرَ. وَإِنْ أَرَاقَهَا مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ إِظْهَارِهَا فَقَدْ تَعَدَّى، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ وَلَوْ غَصَبَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا. وَلَا يُعْتَرَضُ لَهُمْ فِي أَحْكَامِهِمْ وَلَا مُتَاجَرَتِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالرِّبَا. فَإِنْ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ، إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ. وَقِيلَ: يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي الْمَظَالِمِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوِيِّهِمْ لِضَعِيفِهِمْ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الدَّفْعِ عَنْهُمْ وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْهُمْ عدو هم وَيَسْتَعِينَ بِهِمْ فِي قِتَالِهِمْ. وَلَا حَظَّ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ، وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكَنَائِسِ لَمْ يَزِيدُوا عَلَيْهَا، وَلَمْ يُمْنَعُوا مِنْ إِصْلَاحٍ مَا وَهَى مِنْهَا، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى إِحْدَاثِ غَيْرِهَا. وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللِّبَاسِ وَالْهَيْئَةِ بِمَا يَبِينُونَ «٢» بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُمْنَعُونَ مِنَ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ. وَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاءِ أَوْلَادِ الْعَدُوِّ مِنْهُمْ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ ذِمَّةٌ. وَمَنْ لَدَّ فِي أَدَاءِ جِزْيَتِهِ أُدِّبَ عَلَى لَدَدِهِ «٣» وَأُخِذَتْ مِنْهُ صَاغِرًا. الثَّامِنَةُ- اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا وَجَبَتِ الْجِزْيَةُ عَنْهُ، فَقَالَ عُلَمَاءُ الْمَالِكِيَّةِ: وَجَبَتْ بَدَلًا عَنِ الْقَتْلِ بِسَبَبِ الْكُفْرِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَجَبَتْ بَدَلًا عَنِ الدَّمِ وَسُكْنَى الدَّارِ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّا إِذَا قُلْنَا وَجَبَتْ بَدَلًا عَنِ الْقَتْلِ فَأَسْلَمَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجِزْيَةُ لِمَا مَضَى، وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ بَعْدَهُ عِنْدَ مَالِكٍ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا دَيْنٌ مستقر في الذمة فلا يسقطه


(١). نض المال: صار عينا بعد أن كان متاعا.
(٢). في ج: ما يتبينون.
(٣). اللدد: الخصومة الشديدة.