للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سليمان ابن عَبْدِ الْمَلِكِ، فَرَأَى سُلَيْمَانُ فِي لُقْمَةِ الْأَعْرَابِيِّ شَعْرَةً فَقَالَ لَهُ: أَزِلِ الشَّعْرَةَ عَنْ لُقْمَتِكَ، فَقَالَ لَهُ: أَتَنْظُرُ إِلَيَّ نَظَرَ مَنْ يَرَى الشَّعْرَةَ فِي لُقْمَتِي؟! وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ مَعَكَ. قُلْتُ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ إِنَّمَا كَانَتْ مَعَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا مَعَ سُلَيْمَانَ، وَأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَقُولُ:

وَلَلْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ [زِيَارَةِ] «١» بَاخِلٍ ... يُلَاحِظُ أَطْرَافَ الْأَكِيلِ عَلَى عَمْدِ

السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) يَقُولُ: أَنْكَرَهُمْ، تَقُولُ: نَكِرْتُكَ [وَأَنْكَرْتُكَ] «٢» وَاسْتَنْكَرْتُكَ إِذَا وَجَدْتَهُ عَلَى غَيْرِ مَا عَهِدْتَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ «٣»:

وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ ... مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا

فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ. وَيُقَالُ: نَكِرْتُ لِمَا تَرَاهُ بِعَيْنِكَ. وَأَنْكَرْتُ لِمَا تَرَاهُ بِقَلْبِكَ. الثَّامِنَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، أَيْ قَائِمَةٌ بِحَيْثُ تَرَى الْمَلَائِكَةَ. قِيلَ: كَانَتْ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ. وَقِيلَ كَانَتْ تخدم الملائكة وهو جالس. وقال محمد ابن اسحق: قَائِمَةٌ تُصَلِّي. وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ" وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ وَهُوَ قَاعِدٌ". التَّاسِعَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَضَحِكَتْ) قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: حَاضَتْ، وَكَانَتْ آيِسَةٌ، تَحْقِيقًا لِلْبِشَارَةِ، وَأَنْشَدَ عَلَى ذَلِكَ اللُّغَوِيُّونَ:

وَإِنِّي لَآتِي الْعِرْسَ عِنْدَ طُهُورِهَا ... وَأَهْجُرُهَا يَوْمًا إِذَا تَكُ ضَاحِكَا

وَقَالَ آخَرُ:

وَضِحْكُ الْأَرَانِبِ فَوْقَ الصَّفَا ... كَمِثْلِ دَمِ الْجَوْفِ يَوْمَ اللِّقَا

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: ضَحِكَتِ الْأَرْنَبُ إِذَا حَاضَتْ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعِكْرِمَةَ، أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِمْ: ضَحِكَتِ الْكَافُورَةُ- وَهِيَ قِشْرَةُ الطَّلْعَةِ- إِذَا انْشَقَّتْ. وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ضَحِكَتْ بِمَعْنَى حَاضَتْ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ الضَّحِكُ الْمَعْرُوفُ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقِيلَ: هُوَ ضَحِكُ التَّعَجُّبِ، قَالَ أَبُو ذؤيب:


(١). كذا في ع وى وفى الفريد، وفى ك: ضيافة.
(٢). من اوع وك وو.
(٣). البيت للأعشى.