للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجاء بمزج لم يرى النَّاسُ مِثْلَهُ ... هُوَ الضَّحْكُ «١» إِلَّا أَنَّهُ عَمَلُ النَّحْلِ

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: ضَحِكَتْ مِنْ خَوْفِ إِبْرَاهِيمَ، وَرِعْدَتِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي حَشَمِهِ وَخَدَمِهِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُومُ وَحْدَهُ بِمِائَةِ رَجُلٍ. قَالَ وَلَيْسَ الضَّحِكُ الْحَيْضَ فِي اللُّغَةِ بِمُسْتَقِيمٍ. وَأَنْكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْفَرَّاءُ ذَلِكَ، قَالَ الْفَرَّاءُ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ ثِقَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ. وَرُوِيَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَسَحَتِ الْعِجْلَ، فَقَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَلَحِقَ بِأُمِّهِ، فَضَحِكَتْ سَارَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَبَشَّرُوهَا بِإِسْحَاقَ. وَيُقَالُ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُكْرِمَ أَضْيَافَهُ أَقَامَ سَارَةَ تَخْدُمُهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ" أَيْ قَائِمَةٌ فِي خِدْمَتِهِمْ. وَيُقَالُ:" قائِمَةٌ" لِرَوْعِ إِبْرَاهِيمَ" فَضَحِكَتْ" لِقَوْلِهِمْ:" لَا تَخَفْ" سُرُورًا بِالْأَمْنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، الْمَعْنَى: فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ فَضَحِكَتْ، أَيْ ضَحِكَتْ سُرُورًا بِالْوَلَدِ، وَقَدْ هَرِمَتْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ. قَالَ النَّحَّاسُ فِيهِ أَقْوَالٌ: أَحْسَنُهَا- أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَأْكُلُوا أَنْكَرَهُمْ وَخَافَهُمْ، فَلَمَّا قَالُوا لَا تَخَفْ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ رُسُلُ [اللَّهِ «٢» [، فَرِحَ بِذَلِكَ، فَضَحِكَتِ امْرَأَتُهُ سُرُورًا بِفَرَحِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ قَالَتْ لَهُ: أَحْسَبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَيَنْزِلُ بِهِمْ عَذَابٌ فَضَمَّ لُوطًا إِلَيْكَ، فَلَمَّا جَاءَتِ الرُّسُلُ بِمَا قَالَتْهُ سُرَّتْ بِهِ فَضَحِكَتْ، قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا إِنْ صَحَّ إِسْنَادُهُ فَهُوَ حَسَنٌ. وَالضَّحِكُ انْكِشَافُ الْأَسْنَانِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّحِكُ إِشْرَاقَ الْوَجْهِ، تَقُولُ رَأَيْتُ فُلَانًا ضَاحِكًا، أَيْ مُشْرِقًا. وَأَتَيْتُ عَلَى رَوْضَةٍ تَضْحَكُ، أَيْ مُشْرِقَةٍ، وَفِي الْحَدِيثِ" إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ «٣» يَبْعَثُ السَّحَابَ فَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ". جَعَلَ انْجِلَاءَهُ عَنِ الْبَرْقِ ضَحِكًا، وَهَذَا كَلَامٌ مُسْتَعَارٌ. وَرُوِيَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَّاءِ مَكَّةَ يقال له محمد بن زياد الأعرابي." ضحكت" بِفَتْحِ الْحَاءِ، قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَفَتْحُ" الْحَاءِ" مِنْ" فَضَحِكَتْ" غَيْرُ مَعْرُوفٍ. وَضَحِكَ يَضْحَكُ ضَحْكًا وَضِحْكًا وَضِحِكًا [وَضَحِكًا] «٤» أَرْبَعُ لُغَاتٍ. وَالضَّحْكَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ:

غَلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ الْمَالِ «٥»

قاله الجوهري:


(١). وفسر الضحك هنا بالعسل أو الشهد. راجع اللسان مادة (ضحك).
(٢). من ع. [ ..... ]
(٣). من ع.
(٤). من ع.
(٥). صدر البيت:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا