للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَنَسٍ أَكَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ قَالَ: نَعَمْ. وَرَوَاهُ النسائي عن عبد الله ابن السَّائِبِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة قَالَ: (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَائِكُمْ نِعَالِكُمْ) قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا) وَقَالَ: (إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا). صَحَّحَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ. وَهُوَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ قَبْلَهُ، وَيَرْفَعُ بَيْنَهُمَا التَّعَارُضَ. وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ إِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً مِنْ ذَكِيٍّ، حَتَّى لَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِمَا أَفْضَلُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:" خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كل مسجد" «١» [الأعراف: ٣١] عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الَّذِينَ يَخْلَعُونَ نِعَالَهُمْ: لَوَدِدْتُ أَنَّ مُحْتَاجًا جَاءَ فَأَخَذَهَا. الثَّالِثَةُ- فَإِنْ خَلَعْتَهُمَا فَاخْلَعْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْكَ، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فليخلع نعليه بين رجليه). وقال أَبُو هُرَيْرَةَ لِلْمَقْبُرِيِّ: اخْلَعْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْكَ وَلَا تُؤْذِ بِهِمَا مُسْلِمًا. وَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَلَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ فَإِنَّهُ كَانَ إِمَامًا، فَإِنْ كُنْتَ إِمَامًا أَوْ وَحْدَكَ فَافْعَلْ ذَلِكَ إِنْ أَحْبَبْتَ، وَإِنْ كُنْتَ مَأْمُومًا فِي الصَّفِّ فَلَا تُؤْذِ بِهِمَا مَنْ عَلَى يَسَارِكَ، وَلَا تَضَعْهُمَا بَيْنَ قَدَمَيْكَ فَتَشْغَلَاكَ، وَلَكِنْ قُدَّامَ قَدَمَيْكَ. وَرُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُ قَالَ: وَضْعُ الرَّجُلِ نَعْلَيْهِ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِدْعَةٌ. الرَّابِعَةُ- فَإِنْ تَحَقَّقَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ مُجْمَعٌ عَلَى تَنْجِيسِهَا كَالدَّمِ وَالْعَذِرَةِ مِنْ بَوْلِ «٢» بَنِي آدَمَ لَمْ يُطَهِّرْهَا إِلَّا الْغَسْلُ بِالْمَاءِ، عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ مُخْتَلَفًا فيها كبول الدواب وأوراثها الرَّطْبَةِ فَهَلْ يُطَهِّرُهَا الْمَسْحُ بِالتُّرَابِ مِنَ النَّعْلِ وَالْخُفِّ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ عِنْدَنَا. وَأَطْلَقَ الْإِجْزَاءَ بِمَسْحِ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ الْأَوْزَاعِيُّ وأبو ثور. وقال


(١). راجع ج ٧ ص ١٨٨ فما بعد.
(٢). في ك: من قبل.