لا لذبح، وَهَذَا بِصُورَةِ الْمَذْبُوحِ، أُعْطِيَا مَحَلًّا لِلذَّبْحِ فِدَاءً وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَرُّ سِكِّينٍ. وَعَلَى هَذَا يُتَصَوَّرُ النَّسْخُ قَبْلَ الْفِعْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ:" وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ" أَيْ صَرَعَهُ، كَمَا تَقُولُ: كَبَّهُ لِوَجْهِهِ. الْهَرَوِيُّ: وَالتَّلُّ الدَّفْعُ وَالصَّرْعُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:" وَتَرَكُوكَ لِمَتَلِّكَ" أَيْ لِمَصْرَعِكَ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:" فَجَاءَ بِنَاقَةٍ كَوْمَاءَ فَتَلَّهَا" أَيْ أَنَاخَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:" بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيَتْ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَتُلَّتْ فِي يَدِي" قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَيْ فَأُلْقِيَتْ فِي يَدِي، يُقَالُ: تَلَلْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَلْقَيْتَهُ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: فَصُبَّتْ فِي يَدِي، وَالتَّلُّ الصَّبُّ، يُقَالُ: تَلَّ يَتُلُّ إِذَا صَبَّ، وَتَلَّ يَتِلُّ بِالْكَسْرِ إِذَا سَقَطَ. قُلْتُ: وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ:" أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ" فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا وَاللَّهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قَالَ، فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ، يُرِيدُ جَعَلَهُ فِي يده. وقال بعض أهل الإشارة: إ ن إِبْرَاهِيمَ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى الْوَلَدِ بِالْمَحَبَّةِ، فَلَمْ يَرْضَ حَبِيبُهُ مَحَبَّةً مُشْتَرَكَةً، فَقِيلَ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيمُ اذْبَحْ وَلَدَكَ فِي مَرْضَاتِي، فَشَمَّرَ وَأَخَذَ السِّكِّينَ وَأَضْجَعَ وَلَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ مِنِّي فِي مَرْضَاتِكَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ لَمْ يَكُنِ الْمُرَادُ ذَبْحَ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ تَرُدَّ قَلْبَكَ إِلَيْنَا، فَلَمَّا رَدَدْتَ قَلْبَكَ بِكُلِّيَّتِهِ إِلَيْنَا رَدَدْنَا وَلَدَكَ إِلَيْكَ. وَقَالَ كَعْبٌ وَغَيْرُهُ: لَمَّا أُرِيَ إِبْرَاهِيمُ ذَبْحَ وَلَدِهِ فِي مَنَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ أَفْتِنْ عِنْدَ هَذَا آلَ إِبْرَاهِيمَ لَا أَفْتِنُ مِنْهُمْ أَحَدًا أَبَدًا. فَتَمَثَّلَ الشَّيْطَانُ لَهُمْ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، ثُمَّ أَتَى أُمَّ الْغُلَامِ وَقَالَ: أَتَدْرِينَ أَيْنَ يَذْهَبُ إِبْرَاهِيمُ بِابْنِكِ؟ قَالَتْ: لَا. قَالَ: إِنَّهُ يَذْهَبُ بِهِ لِيَذْبَحَهُ. قَالَتْ: كَلَّا هُوَ أَرْأَفُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ. قَالَتْ: فَإِنْ كَانَ رَبُّهُ قَدْ أَمَرَهُ بذلك فقد أحسن أن يطيع ر به. ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ يَذْهَبُ بِكَ أَبُوكَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِكَ لِيَذْبَحَكَ. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ. قَالَ: فَلْيَفْعَلْ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، سَمْعًا وَطَاعَةً لِأَمْرِ اللَّهِ. ثُمَّ جَاءَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَاءَكَ فِي مَنَامِكَ فأمرك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute