للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذَّاكِرُونَ بَعْدِي وَلَا أَذْكُرُكَ! وَيَصُومُ الصَّائِمُونَ بَعْدِي وَلَا أَصُومُ! وَيُصَلِّي الْمُصَلُّونَ وَلَا أُصَلِّي. فَقِيلَ لَهُ:" يَا إِلْيَاسُ وَعِزَّتِي لَأُؤَخِّرَنَّكَ إِلَى وَقْتٍ لَا يَذْكُرُنِي فِيهِ ذَاكِرٌ". يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ: إِنَّ إ ليأس وَالْخَضِرَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَصُومَانِ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي كُلِّ عَامٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ يُوَافِيَانِ الْمَوْسِمَ فِي كُلِّ عَامٍ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، إِنَّهُمَا يَقُولَانِ عِنْدَ افْتِرَاقِهِمَا عَنِ الْمَوْسِمِ: مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا يَسُوقُ الْخَيْرَ إِلَّا اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ الله، لا يصر ف السُّوءَ إِلَّا اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، مَا يَكُونُ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله، ما شاء الله ما شاء الله، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْكَهْفِ" «١». وَذُكِرَ مِنْ طَرِيقِ مَكْحُولٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِفَجِّ النَّاقَةِ عِنْدَ الْحِجْرِ، إِذَا نَحْنُ بِصَوْتٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الْمَرْحُومَةِ، الْمَغْفُورِ لَهَا، الْمَتُوبِ عَلَيْهَا، الْمُسْتَجَابِ لَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَا أَنَسُ، انْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ". فَدَخَلْتُ الْجَبَلَ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، طُولُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ النَّبِيِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: هَذَا أَخُوكَ إِلْيَاسُ يُرِيدُ لِقَاءَكَ. فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا قَرِيبًا مِنْهُ، تَقَدَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتأخرت، فتحدثا طويلا، فنزل عليهما شي مِنَ السَّمَاءِ شِبْهُ السُّفْرَةِ فَدَعَوَانِي فَأَكَلْتُ مَعَهُمَا، فَإِذَا فِيهَا كَمْأَةٌ وَرُمَّانٌ وَكَرَفْسٌ، فَلَمَّا أَكَلْتُ قُمْتُ فَتَنَحَّيْتُ، وَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَاحْتَمَلَتْهُ فَإِذَا أَنَا أنظر إلى بياض ثيابه فيها تهوي، فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي أَكَلْنَا أَمِنَ السَّمَاءِ نَزَلَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ يَأْتِينِي بِهِ جِبْرِيلُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَكْلَةٌ، وَفِي كُلِّ حَوْلٍ شَرْبَةٌ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ عَلَى الْجُبِّ يَمْلَأُ بِالدَّلْوِ فَيَشْرَبُ وَرُبَّمَا سقاني". قوله تعالى:" إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ" يعنى لبنى إسرائيل." أَلا تَتَّقُونَ" يعنى الله عز وجل وتخافون عقابه." أَتَدْعُونَ بَعْلًا" اسم صنم لهم كانوا يعبدونه وبذلك سميت مدينتهم بعلبك.


(١). راجع ج ١١ ص ٤٣ طبعه أولى أو ثانيه.