وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ يَأْتِي عَلَى ابْنِ آدَمَ إِلَّا يُنَادَى فِيهِ يَا ابْنَ آدَمَ أَنَا خَلْقٌ جَدِيدٌ وَأَنَا فِيمَا تَعْمَلُ غَدًا عَلَيْكَ شَهِيدٌ فَاعْمَلْ فِيَّ خَيْرًا أَشْهَدْ لَكَ بِهِ غَدًا فَإِنِّي لَوْ قَدْ مَضَيْتُ لَمْ تَرَنِي أَبَدًا وَيَقُولُ اللَّيْلُ مِثْلَ ذَلِكَ" ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ فِي بَابِ شَهَادَةِ الْأَرْضِ وَاللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ وَالْمَالِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ فَأَحْسَنَ:
مَضَى أَمْسُكَ الْأَدْنَى شَهِيدًا مُعَدَّلًا ... - وَيَوْمُكَ هَذَا بِالْفِعَالِ شَهِيدُ
فَإِنْ تَكُ بِالْأَمْسِ اقْتَرَفْتَ إِسَاءَةً ... - فَثَنِّ بِإِحْسَانٍ وَأَنْتَ حَمِيدُ
وَلَا تُرْجِ فِعْلَ الْخَيْرِ مِنْكَ إِلَى غَدٍ ... - لَعَلَّ غَدًا يَأْتِي وَأَنْتَ فَقِيدُ
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ" أَيْ أَهْلَكَكُمْ فَأَوْرَدَكُمُ النَّارَ. قَالَ قَتَادَةُ: الظَّنُّ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ فَإِنَّ قَوْمًا أَسَاءُوا الظَّنَّ بِرَبِّهِمْ فَأَهْلَكَهُمْ" فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ". وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّ قَوْمًا أَلْهَتْهُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا لَهُمْ حَسَنَةٌ، وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: إِنِّي أُحْسِنُ الظَّنَّ بِرَبِّي وَكَذَبَ، وَلَوْ أَحْسَنَ الظَّنَّ لَأَحْسَنَ الْعَمَلَ، وَتَلَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى:" وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ". وَقَالَ قَتَادَةُ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ حَسَنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الظَّنَّ اثْنَانِ ظَنٌّ يُنْجِي وَظَنٌّ يُرْدِي. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَانُوا يُدْمِنُونَ الْمَعَاصِي وَلَا يَتُوبُونَ مِنْهَا وَيَتَكَلَّمُونَ عَلَى الْمَغْفِرَةِ، حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا مَفَالِيسَ، ثُمَّ قَرَأَ:" وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ". قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ" أَيْ فَإِنْ يَصْبِرُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ. نظيره:" فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ" [البقرة: ١٧٥] عَلَى مَا تَقَدَّمَ «١»." وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا" فِي الدُّنْيَا وَهُمْ مُقِيمُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ" فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ". وقيل: المعنى" فإن يصبروا"
(١). راجع ج ٢ ص ٢٣٦ طبعه ثانيه. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute