للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ (. وَفِي الْمُوَطَّأِ:) اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ (. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: قَوْلُهُ (فَلْيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي، الدُّعَاءِ وَيَكُونُ عَلَى رَجَاءٍ مِنَ الْإِجَابَةِ، وَلَا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ الله، لأنه يدعو كريما. قال سفيان ابن عُيَيْنَةَ: لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنَ الدُّعَاءِ مَا يَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَجَابَ دُعَاءَ شَرِّ الْخَلْقِ إِبْلِيسَ، قَالَ: رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. وَلِلدُّعَاءِ أَوْقَاتٌ وَأَحْوَالٌ يَكُونُ الْغَالِبُ فِيهَا الْإِجَابَةُ، وَذَلِكَ كَالسَّحَرِ وَوَقْتِ الْفِطْرِ، وَمَا بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، وَأَوْقَاتِ الِاضْطِرَارِ وَحَالَةِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ وَالصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. كُلُّ هَذَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ، وَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَوَاضِعِهَا. وَرَوَى شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ أَنَّ أُمَّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ لَهُ: يَا شَهْرُ، أَلَا تَجِدُ الْقُشَعْرِيرَةَ؟ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ فَإِنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ ثَلَاثًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. فَعَرَفْتُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ. قَالَ جَابِرٌ: مَا نَزَلَ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ غَلِيظٌ إِلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ فَأَدْعُو فِيهَا فَأَعْرِفُ الْإِجَابَةَ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي" قَالَ أَبُو رَجَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ: فَلْيَدْعُوَا لِي. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْمَعْنَى فَلْيَطْلُبُوا أَنْ أُجِيبَهُمْ. وَهَذَا هُوَ بَابُ" اسْتَفْعَلَ" أَيْ طَلَبُ الشَّيْءِ إِلَّا مَا شَذَّ، مِثْلُ اسْتَغْنَى اللَّهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: الْمَعْنَى فَلْيُجِيبُوا إِلَيَّ فِيمَا دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ، أَيِ الطَّاعَةِ وَالْعَمَلِ. وَيُقَالُ: أَجَابَ وَاسْتَجَابَ بِمَعْنًى، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ

أَيْ لَمْ يُجِبْهُ. وَالسِّينُ زَائِدَةٌ وَاللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ. وَكَذَا" وَلْيُؤْمِنُوا" وَجَزَمَتْ لَامُ الْأَمْرِ لِأَنَّهَا تَجْعَلُ الْفِعْلَ مُسْتَقْبِلًا لَا غَيْرَ فَأَشْبَهَتْ إِنِ الَّتِي لِلشَّرْطِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ إِلَّا عَلَى الْفِعْلِ. وَالرَّشَادُ خِلَافُ الْغَيِّ. وَقَدْ رَشَدَ يَرْشُدُ رُشْدًا. وَرَشِدَ (بِالْكَسْرِ) يَرْشَدُ رَشَدًا، لُغَةٌ فِيهِ. وَأَرْشَدَهُ اللَّهُ. وَالْمَرَاشِدُ: مَقَاصِدُ الطُّرُقِ. وَالطَّرِيقُ الْأَرْشَدُ: نَحْوُ الْأَقْصَدِ. وَتَقُولُ: