للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَذْهَبِ قَوْمٍ أَجْمَعْنَا عَلى سَلَامَتِهمْ مِنَ البِدْعَةِ، فَإِنْ وَافَقُوا عَلَى أَنَّنَا عَلَى مَذْهَبِهِ فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى سَلَامَتِنَا مَعَهُ؛ لأَنَّ مُتَّبِعَ السَّلِيْمِ سَلِيْمٌ، وَإنْ ادَّعَوا عَلَيْنَا أَنَّا تَرْكْنَا مَذْهَبَهُ، وَتَمَذْهَبْنَا بِمَا يُخَالِفُ الفُقَهَاءَ، فَلْيَذْكُرُوا ذلِكَ لِيَكُوْنَ الجَوَابُ بِحَسَبِهِ، وَإِنْ قَالُوا: أَحْمَدُ مَا شَبَّهَ وَأَنْتُمْ شَبَّهْتُمْ، قُلْنَا: الشَّافِعِيُّ لَمْ يَكُنْ أَشْعَرِيًّا، وَأَنْتُمْ أَشْعَرِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَ مَكْذُوْبًا عَلَيْكُمْ فَقَدْ كُذِبَ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَفْزَعُ مِنَ التَأْوِيْلِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبيهِ، فَلَا يُعَابُ عَلَيْنَا إِلَّا تَرْكُ الخَوْضِ وَالبَحْثِ، وَلَيْسَ بِطَرِيْقَةِ السَّلَفِ، ثُمَّ مَا يُرِيْدُ الطَّاعِنُوْنَ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ لَا نُزَاحِمُهُمْ عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا؟.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ المَذْكُورَةِ (١) تُوفِّيَ أَبُو طَاهِرِ بنُ عَلَّكٍ (٢) وَكَانَ مِنْ صدْرِ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَكَابِرِ المُتَمَوِّلِيْنَ، فَشَيَّعَهُ نِظَامُ المُلْكِ وَأَرْبَابُ الدَّوْلَةِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ أَبي إِسْحَقَ الشِّيْرَازِيِّ، وَجَاءَ السُّلْطَانُ إِلَى القَبْرِ بَعْدَ دَفْنِهِ. قَالَ ابنُ عَقِيْلٍ: جَلَسْتُ إِلَى جَانِبِ نِظَامِ المُلْكِ، بِتُرْبَةِ أَبِي إِسْحَقَ وَالمُلُوْكُ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاجْتَرَأْتُ عَلَى ذلِكَ بِالعِلْمِ، وَكَانَ جَالِسًا لِلْتَّعْزِيَةِ بابنِ عَلَّكَ.


(١) في (ط) الفقي: "المذكور".
(٢) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلَّكٍ، أَبُو طَاهِرٍ السَّاوِيُّ (ت: ٤٨٤ هـ) أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، مَوْلِدُهُ بِـ "أَصْبَهَانَ"، وَتَفَقَّه بِـ "سَمَرْقَنْدَ"، وَتُوفِّيَ بِـ "بَغْدَادَ". أَخْبَارُهُ في: المُنْتَظِمِ (٩/ ٥٨)، وَطَبَقَاتِ الشَّافعيَّةِ للسُّبكيِّ (٣/ ٢٢١)، وَالشَّذَرَاتِ (٣/ ٣٧٢).
وَ (السَّاوِيُّ) نِسْبَةً إلى "سَاوَةَ" بَلْدَةٌ بَيْنَ "الرَّيِّ" وَ"هَمَذَانَ". يُرَاجَعُ: الأَنْسَابُ (٧/ ١٩)، وَمُعْجَمُ البُّلْدَانِ (٣/ ٢٠١).