للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأَمْرُ إِلَى أَنْ ضَرَبَ الأَعْجَمِيُّ الوَزِيْرَ وَبَالَغَ، فَلَمَّا وَلِيَ الوِزَارَةَ أَتَى بِهِ فَأَكْرَمَهُ، وَوَهَبَ لَهُ، وَوَلَّاهُ.

أُنْبِئْتُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ المَقْدِسِيُّ (١) قَالَ: حَكَى لَنَا ابْنُ الجَوْزِيِّ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى الوَزِيْرِ ابْنِ هُبيِّرَةَ، فَيُمْلِي علَيْنَا كِتَابَهُ "الإِفْصَاحَ" فَبَيْنَا نَحْنُ كَذلِكَ إِذْ قَدِمَ رَجُلٌ وَمَعَهُ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ، فَقَالَ لَهُ عَوْنُ الدِّيْنِ: أَقَتَلْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَلَامٌ فَقتَلْتُهُ: فَقَالَ الخَصْمُ: سَلِّمُهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَقْتُلَهُ فَقَدْ أَقَرَّ بِالقَتْلِ، فَقَالَ عَوْنُ الدِّينِ: أَطْلِقُوْهُ وَلَا تَقْتُلُوْهُ، قَالُوا: كَيْفَ ذلِكَ، وَقَدْ قَتَلَ أَخَانَا؟ قَالَ: فَتَبِيْعُوْنِيْهِ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِسِتِّمَائَةِ دِيْنَارٍ، وَسَلَّمَ الذَّهَبَ إِلَيْهِمْ وَذَهَبُوا، قَالَ لِلْقَاتِلِ: اقْعُدْ عِنْدَنَا لَا تَبْرَحُ، قَالَ: فَجَلَسَ عِنْدَهُمْ، وَأَعْطَاهُ الوَزِيْرُ خَمْسِيْنَ دِيْنَارًا، قَالَ: فَقُلْنَا لِلْوَزِيرِ: لَقَدْ أَحْسَنْتَ إِلَى هَذَا وَعَمِلْتَ، مَعَهُ أَمْرًا عَظِيمًا، وَبَالَغْتَ فِي الإِحْسَانِ إِلَيْهِ، فَقَالَ الوَزِيرُ: مِنْكُمْ أَحَدٌ يَعْلَمُ أَنَّ عَيْنِيَ اليُمْنَى لَا أُبْصِرُ بِهَا شَيْئًا؟ فَقُلْنا: مَعَاذَ اللهُ! فَقَال: بَلَى وَاللهِ (٢) أَتَدْرُونَ مَا سَبَبُ ذلِكَ؟ قُلْنَا: لَا! قَالَ: هَذا الَّذِي خَلَّصْتُهُ مِنَ القَتْلِ جَاءَ إِلَيَّ وَأَنَا فِي "الدُّوْرِ" وَمَعِي كِتَابٌ مِنَ الفِقْهِ أَقْرَأُ فِيْهِ، وَمَعَهُ سَلَّةُ فَاكِهَةٍ، فَقَالَ: احْمِلْ هَذِهِ السَّلَّةَ، قُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا شُغْلِي فَاطْلُبْ غَيْرِي، فَشَاكَلَنِي، وَلَكَمَنِي فَقَلَعَ عَيْنِي، وَمَضَى وَلَمْ أَرَهُ بَعْدَ ذلِكَ إِلَى يَومِي هَذَا،


(١) أَحْمَدُ بنُ عبْدِ الدَّائِمِ بنِ نِعْمَةَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ (ت: ٦٦٨ هـ)، حَنْبَلِيٌّ، ذَكَرَهُ المْؤَلِّفُ فِي مَوْضِعهِ.
(٢) لَمْ يَذْكُرْهُ الصَّفَدِيُّ فِي كِتَابِهِ "الشُّعُورْ بِالعُوْرِ" فَكَانَ مُسْتَدْرِكًا عَلَيْهِ.