للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيْلًا عَلَى البَعْثِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ أُجِيْبُوا إِلَى مَا سَأَلُوا لَمْ يَكُنْ ذلِكَ حُجَّةً عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ، وَلَا عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِمَنْ تَقَدَّمَ وَعْدًا، وَلِمَنْ تَأَخَّرَ خَبَرًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَجِيْئَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَبُوْهُ، فَتَصِيْرُ هَذِهِ الدَّارُ دَارَ البَعْثِ، ثُمَّ لَوْ جَازَ وُقُوْعُ مِثْلِ هَذِهِ كَانَ إِحْيَاءُ مَلِكٍ يُضْرَبُ بِهِ الأَمْثَالُ أَوْلَى كَتُبَّعٍ، لَا أَنْتُمْ يَا أَهْلَ "مَكَّةَ" فَإِنَّكُمْ لَا تُعْرَفُوْنَ فِي بِقَاعِ الأَرْضِ.

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (١) {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} قَالَ: عَلِمَتِ المَلَائِكَةُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ عِبَادَهُ المُؤْمِنِيْنَ، فَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِالشَّفَاعَةِ فِيْهِمْ، وَأَحْسَنُ القُرَبِ أَنْ يَسْأَلَ المُحِبُّ إِكْرَامَ حَبِيْبِهِ، فَإِنَّكَ لَوْ سَأَلْتَ شَخْصًا أَنْ يَزِيْدَ فِي إِكْرَامِ وَلَدِهِ لَارْتَفَعْتَ عِنْدَهُ، حَيْثُ تَحُثُّهُ عَلَى إِكْرَامِ مَحْبُوْبِهِ.

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (٢) {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا}، {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} قَالَ: تأَمَّلْتُ دُخُوْلَ اللَّامِ وَخُرُوْجَهَا، فَرَأَيْتُ المَعْنَى: أَنَّ اللَّامَ تَقَعُ لِلِاسْتِقْبَالِ، تَقُوْلُ: لأَضْرِبَنَّكَ، أَيْ: فِيْمَا بَعْدُ، لَا فِي الحَالِ، وَالمَعْنَى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} أَيْ: فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ إِذَا تَمَّ فَاسْتَحْصَدَ، وَذلِكَ أَشَدُّ العَذَابِ؛ لأَنَّهَا حَالَةُ انْتِهَاءِ تَعَبِ الزُّرَّاعِ، وَاجْتِمَاعُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ، لِرَجَاءِ


(١) سُورة غافر، الآية: ٧.
(٢) سُورة الواقعة، الآيتان: ٦٥، ٧٠.