قوله: [واعلم أن الوقف التام على قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ}[البقرة:٧] وقوله: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[البقرة:٧] جملة تامة، فإن الطبع يكون على القلب وعلى السمع، والغشاوة -وهي الغطاء- يكون على البصر، كما قال السدي في تفسيره عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ}[البقرة:٧] يقول: فلا يعقلون ولا يسمعون، يقول: وجعل على أبصارهم غشاوة، يقول: على أعينهم فلا يبصرون].
فالغشاوة على الأبصار والختم على القلوب والأسماع، ولهذا قال تعالى:((ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم)) ثم قال: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[البقرة:٧]، ولكي يتضح المعنى ينبغي للقارئ أن تكون مواقفه على المواقف التي يتم بها المعنى.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن جرير: حدثني محمد بن سعد، حدثنا أبي، حدثني عمي الحسين بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما:(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ) والغشاوة على أبصارهم.
قال: وحدثنا القاسم، حدثنا الحسين -يعني ابن داود، وهو سنيد - حدثني حجاج -وهو ابن محمد الأعور - حدثني ابن جريج قال: الختم على القلب والسمع، والغشاوة على البصر، قال الله تعالى:{فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ}[الشورى:٢٤]، وقال:{وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}[الجاثية:٢٣].
قال ابن جرير: ومن نصب غشاوة من قوله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[البقرة:٧] يحتمل أنه نصبها بإضمار فعل تقديره: وجعل على أبصارهم غشاوة، ويحتمل أن يكون نصبها على الإتباع على محل:{وَعَلَى سَمْعِهِمْ}[البقرة:٧] كقوله تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ}[الواقعة:٢٢]، وقول الشاعر: علفتها تبناً وماء بادراً حتى غدت همَّالةً عيناها.
وقال الآخر: ورأيت زوجك في الوغى متقلداً سيفاً ورمحاً تقديره: وسقيتها ماء بارداً، ومعتقلاً رمحاً].