إن للفاتحة أسماء متعددة منها: الحمد، وفاتحة الكتاب، وأم القرآن، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وتسمى: الصلاة؛ وذلك لما جاء في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول:(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين ...)، فسماها صلاة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فسميت الفاتحة صلاة؛ لأنها شرط فيها، ويقال لها: الشفاء؛ لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعاً:(فاتحة الكتاب شفاء من كل سم).
ويقال لها الرقية؛ لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل السليم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(وما يدريك أنها رقية؟)].
هذا الحديث له قصة، وهي: أن الصحابة استضافوا بعض العرب فلم يضيفوهم، فلما ذهبوا عنهم لدغ سيدهم، فالتمسوا له الأطباء فلم يفد في شيء، ثم جاءوا إلى الصحابة وقالوا: إن سيدنا لدغ، وقد عملنا له كل الأسباب فلم ينتفع بشيء، فهل عندكم من راقٍ؟ فقال بعض الصحابة: نعم أنا أرقي، ولكن لا أرقيه إلا بجعل، فقد استضفناكم فلم تضيفونا، فاتفقوا معه على ثلاثين رأساً من الغنم، فجاء رجل من الصحابة لم يكن معروفاً بحفظ القرآن، فأخذ العضو الذي فيه اللدغة وجعل يقرأ عليه:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:٢] ويتفل ويرددها حتى خرج السم، فقال الصحابة: فكأنما نشط من عقال، فاستاقوا الثلاثين رأساً من الغنم، ثم تحرجوا وقالوا: كيف نأخذها ولم نسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم قال:(وما يدريك أنها رقية؟! خذوها واضربوا لي معكم منها بسهم)؛ تطييباً لخواطرهم، وسمي اللديغ سليماً تفاؤلاً له بالسلامة، كما تسمى الصحراء مفازة تفاؤلاً بالفوز بالسلامة، فالعرب تستعمل الشيء لضده من باب التفاؤل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وروى الشعبي عن ابن عباس: أنه سماها أساس القرآن، قال: وأساسها بسم الله الرحمن الرحيم، وسماها سفيان بن عيينة: بالواقية، وسماها يحيى بن أبي كثير الكافية؛ لأنها تكفي عما عداها ولا يكفي ما سواها عنها].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة: (أم القرآن عوض من غيرها، وليس من غيرها عوض منها) ويقال لها: سورة الصلاة والكنز، ذكرهما الزمخشري في كشافه].
وذلك لأنها ركن في الصلاة لابد منها؛ فلو اقتصر عليها في الصلاة لصحت صلاته بخلاف غيرها.