قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يخبر تعالى أنه جعل لكل قوم منسكاً، قال ابن جرير: يعني: لكل أمة نبي منسكاً.
قال: وأصل المنسك في كلام العرب: هو الموضع الذي يعتاده الإنسان ويتردد إليه إما لخير أو شر، قال: ولهذا سميت مناسك الحج بذلك؛ لترداد الناس إليها وعكوفهم عليها.
فإن كان كما قال من أن المراد لكل أمة نبي جعلنا منسكاً، فيكون المراد بقوله:{فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ}[الحج:٦٧]، أي: هؤلاء المشركون، وإن كان المراد:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا}[الحج:٣٤]، أي: جعلاً قدرياً كما قال: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا}[البقرة:١٤٨]، ولهذا قال هاهنا:{هُمْ نَاسِكُوهُ}[الحج:٦٧]، أي: فاعلوه، فالضمير هاهنا عائد على هؤلاء الذين لهم مناسك وطرائق، أي: هؤلاء إنما يفعلون هذا عن قدر الله وإرادته، فلا تتأثر بمنازعتهم لك، ولا يصرفك ذلك عما أنت عليه من الحق، ولهذا قال:{وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ}[الحج:٦٧]، أي: طريق واضح مستقيم موصل إلى المقصود.