[تفسير قوله تعالى:(ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم)]
قال الله تعالى:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}[الكهف:٥١].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يقول الله تعالى: هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دوني عبيد أمثالكم لا يملكون شيئاً، ولا أشهدتهم خلق السماوات والأرض، ولا كانوا إذ ذاك موجودين.
يقول تعالى: أنا المستقل بخلق الأشياء كلها، ومدبرها ومقدرها وحدي، ليس معي في ذلك شريك ولا وزير ولا مشير ولا نظير، كما قال:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[سبأ:٢٢ - ٢٣] الآية.
ولهذا قال:{وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}[الكهف:٥١].
قال مالك: أعواناً].
هذه الآية فيها توبيخ للذين يتخذون الشيطان ولياً من دون الله، قال سبحانه:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ}[الكهف:٥١].
يعني: هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دون الله ما شهدوا خلق السماوات ولا خلق الأرض، ولم يكونوا موجودين في ذلك الوقت.
ولم يشهدوا خلق أنفسهم، وليس لهم من الأمر شيء، فكيف تتخذونهم أولياء من دون الله؟! وقد قال تعالى:{وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}[الكهف:٥١].
يعني أن المضلين لم يتخذهم الله أعواناً له، فهؤلاء الذين عُبدوا من دون الله واتُخذوا أولياء من دونه ليس لهم من الأمر شيء، ولم يشهدهم الله خلق السماوات والأرض، ولا خلق أنفسهم، فليس لهم في الأمر شيء، ولم يتخذهم الله أعواناً ولا أنصاراً، بل هو سبحانه وتعالى الكامل في ذاته وصفاته، الغني عن كل أحد، فلا يحتاج إلى أحد.
وكل من يقول: إن لبعض الأشخاص تصرفاً في الكون فقوله لا دليل عليه، وقد قال الله:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ}[الكهف:٥١] فمن قال ذلك الكلام فإنه يرد عليه بهذه الآية، وكذلك الذين يعبدون غير الله عز وجل، والذين يقولون: إن المتصرف في هذا الكون الكواكب أو غيرها، كل هؤلاء يرد عليهم بهذه الآية:{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}[الكهف:٥١].