قال المؤلف رحمه الله تعالى:[يقول تعالى: فلما اعتزل الخليل أباه وقومه في الله أبدله الله من هو خير منهم، ووهب له إسحاق ويعقوب، يعني ابنه وابن إسحاق].
يعني: ابنه وابن ابنه إسحاق، وهذا الاعتزال إنما كان من بعد الدعوة، بعد أن دعاهم وكرر الدعوة، بدأ وأعاد ورأى أنه لا فائدة من دعواهم حتى وعده أبوه بأن يرجمه إن لم ينته تركهم واعتزلهم، فلما اعتزلهم عوضه الله خيراً منهم ورزقه الله أبناء أنبياء، رزقه إسماعيل وهو نبي من سلالته نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو الأب الثاني وأبو العرب، ورزقه إسحاق وإسحاق نبي، وإسحاق رزق بيعقوب، ويعقوب هو إسرائيل، وأنبياء بني إسرائيل كلهم من سلالة يعقوب.
قال: [ووهب له إسحاق ويعقوب، يعني ابنه وابن إسحاق كما قال في الآية الأخرى:{وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً}[الأنبياء:٧٢]، وقال:{وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}[هود:٧١].
ولا خلاف أن إسحاق والد يعقوب، وهو نص القرآن في سورة البقرة:{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ}[البقرة:١٣٣] ولهذا إنما ذكر هاهنا إسحاق ويعقوب، أي: جعلنا له نسلاً وعقباً أنبياء، أقر الله بهم عينه في حياته].
وجعل الله في ذريته النبوة والكتاب، كما قال سبحانه:{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}[العنكبوت:٢٧] وكل نبي بعث بعد إبراهيم فهو من سلالته، وكل كتاب نزل من السماء بعد إبراهيم فهو على نبي من ذريته، وهذه منقبة عظيمة، وإبراهيم الخليل هو أبو الأنبياء ووالد الحنفاء، وأشرف بيت نسبي على الإطلاق هو بيت إبراهيم عليه السلام، ومن هذا البيت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.