قال المصنف رحمه الله: [{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ}[البقرة:٩٢].
أي: بالآيات الواضحات والدلائل القاطعات على أنه رسول الله، وأنه لا إله إلا الله، والآيات البينات: هي الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والعصا، واليد، وفرق البحر، وتظليلهم بالغمام، والمن والسلوى، والحجر، وغير ذلك من الآيات التي شاهدوها:{ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ}[البقرة:٥١] أي: معبوداً من دون الله في زمان موسى وأيامه.
وقوله {مِنْ بَعْدِهِ}[البقرة:٥١] أي: من بعد ما ذهب عنكم إلى الطور لمناجاة الله عز وجل، كما قال تعالى:{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ}[الأعراف:١٤٨]، {وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ}[البقرة:٥١] أي: وأنتم ظالمون في هذا الصنيع الذي صنعتموه من عبادتكم العجل وأنتم تعلمون أنه لا إله إلا الله، كما قال تعالى:{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:١٤٩]].
بالنسبة لآية الحجر عندما ضربه موسى بعصاه.
اتخذ بني إسرائيل العجل من الحلي، أي: من ذهب آل فرعون، فصنع السامري من هذا الحلي عجلاً له خوار، يعني: له صوت حين تدخل الريح من فمه وتخرج من دبره، وأمرهم أن يسجدوا له، فعبدوه من دون الله، وقد كانوا عقلاء لكن الله أعمى بصائرهم، وكان بينهم نبيهم هارون، لكنهم استضعفوه وكادوا يقتلونه، ولما نهاهم عن ذلك قالوا:{قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}[طه:٩١].
ولما رجع موسى ووجدهم يعبدون العجل غضب غضباً شديداً، فقال هارون عليه السلام:{قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأعراف:١٥٠].
وكيف يصلح للذي لا يتكلم ولا يرد الجواب، ولا يأخذ ولا يعطي، ولا يهدي سبيلاً أن يكون إلهاً؟! ثم بعد ذلك لما جاءهم موسى وأنكر عليهم، وحرق العجل وهم ينظرون، سقط من أيديهم وعلموا أنهم قد ضلوا:{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف:١٤٩].