قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ}[الحج:٣١] أي: مخلصين له الدين، منحرفين عن الباطل قصداً إلى الحق، ولهذا قال:{غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}[الحج:٣١].
ثم ضرب للمشرك مثلاً في ضلاله وهلاكه وبعده عن الهدى، فقال سبحانه:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ}[الحج:٣١] أي: سقط منها، {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ}[الحج:٣١] أي: تقطعه الطيور في الهواء، {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}[الحج:٣١] أي: بعيد مهلك لمن هوى فيه، ولهذا جاء في حديث البراء:(إن الكافر إذا توفته ملائكة الموت، وصعدوا بروحه إلى السماء فلا تفتح له أبواب السماء، بل تطرح روحه طرحاً من هناك، ثم قرأ هذه الآية)، وقد تقدم الحديث في سورة إبراهيم بحروفه وألفاظه وطرقه، وقد ضرب تعالى للمشركين مثلاً آخر في سورة الأنعام وهو قوله:{قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:٧١]].
وقوله:{حُنَفَاءَ لِلَّهِ}[الحج:٣١] يعني: مخلصين لله، والحنيف: هو المائل المقبل على الله الموحد المخلص عمله لله المعرض عن الشرك، ولهذا وصف الله إبراهيم بذلك في قوله تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النحل:١٢٣].