تفسير قوله تعالى: (واجعل لي وزيراً من أهلي)
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي} [طه:٢٩ - ٣٠]، وهذا أيضاً سؤال من موسى عليه السلام في أمر خارجي عنه وهو مساعدة أخيه هارون له.
قال الثوري: عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: نبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى عليهما السلام.
وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن ابن نمير حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها خرجت فيما كانت تعتمر فنزلت ببعض الأعراب، فسمعت رجلاً يقول: أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه؟ قالوا: لا ندري؟ قال: أنا والله أدري! قالت: فقلت في نفسي: في حلفه لا يستثني، إنه ليعلم أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه، قال: موسى حين سأل لأخيه النبوة.
فقلت: صدق والله! قلت: ومن هذا قال الله تعالى في الثناء على موسى عليه السلام: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب:٦٩]].
قلت: هذا الأثر منقطع الإسناد، فهو إذاً ضعيف.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} [طه:٣١] قال مجاهد: ظهري.
{وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه:٣٢] أي: في مشاورتي.
{كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} [طه:٣٣ - ٣٤] قال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكر الله قائماً وقاعداً ومضطجعاً.
وقوله: {إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} [طه:٣٥] أي: في اصطفائك لنا، وإعطائك إيانا النبوة، وبعثتك لنا إلى عدوك فرعون، فلك الحمد على ذلك].
{قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ} [طه:٣٦] يعني: أجاب الله سؤاله في هذه الأمور كلها، فشرح صدره، ويسر له أمره، وحل عقدة من لسانه، وجعل أخاه هارون نبياً معه، ووزيراً له يشد أزره، وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه على عبده ورسوله موسى عليه الصلاة والسلام.
وقول الله تعالى: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه:٢٥ - ٢٦] فهذا دعاء في كل وقت وليس في الاختبارات فقط، بل ينبغي للمسلم أن يقول: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} [طه:٢٥ - ٢٦] في كل وقت وحين، وشرح الصدر، قال الله تعالى لنبيه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} [الشرح:١ - ٢].
وإذا شرح الله للإنسان صدره، وهداه للإسلام ووفقه ويسر له أمره، حصل على كل شيء في كل وقت.
والإنسان يثاب على كل شيء، فعندما يبتلى بالهموم أو الغموم أو ضيق الصدر أو أي شيء يؤلم الإنسان المؤمن فإنه يثاب عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن إلا كفر الله من خطاياه حتى الشوكة يشاكها) فعندما يصاب بالهم والغم فإنه يحتسب ويسأل ربه، ويتضرع إلى الله أن يزيل همومه وغمومه وأن يشرح صدره وهو مأجور على ذلك.