قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله سبحانه وتعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}[الحج:٣٦]، قال ابن أبي نجيح عن مجاهد يعني: سقطت إلى الأرض، وهو رواية عن ابن عباس وكذا قال مقاتل بن حيان، وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما:{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}[الحج:٣٦]، يعني: نحرت، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ((فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا)) يعني: ماتت، وهذا القول هو مراد ابن عباس ومجاهد: فإنه لا يجوز الأكل من البدنة إذا نحرت حتى تموت وتبرد حركتها، وقد جاء في حديث مرفوع:(ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق)].
هذا الحديث رواه الدارقطني في السنن من طريق سعيد بن سلام العطار عن عبد الله بن بديل عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً، وسعيد بن سلام العطار كذبه أحمد وابن نمير، وضعف البيهقي هذا الحديث في السنن الكبرى.
لكن المعنى صحيح، ولهذا قال العلماء: ينبغي للإنسان ألا يعجل في سلخها قبل أن تبرد، فينتظر قليلاً حتى تبرد، ثم يسلخها بعد ذلك، وقد ذكر العلماء: أن من المكروهات: كسر العنق، وسلخها قبل أن تبرد، وأن يحد السكين والحيوان يبصره، أو يذبحها أمام أختها، أو يوجهها إلى غير القبلة، فكل هذه من المكروهات.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقد رواه الثوري في الجامع عن أيوب عن يحيى بن أبي كثير عن عن قرافصة الحنفي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ذلك، ويؤيده حديث شداد بن أوس في صحيح مسلم:(إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة)].
القِتلة والذِّبحة، والمراد به: الهيئة، والذَبحة والقَتلة: الضربة، والمراد الهيئة وليس الضرب، كما في الحديث:(إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته).
والشفرة: السكين، ويحدها، أي: حتى تكون أسرع في الذبح وفي إزهاق الروح، وقوله:(وليرح ذبيحته)، أي: يجعلها ترتاح، فإذا حد الشفرة والسكين صارت حادة فتكون أسرع في إزهاق الروح وإراحة الذبيحة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه].
ما قطع من البهيمة فحكمه حكم الميتة، كأن قطع الإلية، كما في الحديث:(أن رجلاً قطع إلية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة)، فلا يحل الحيوان إلا بالذكاة.